يتأرجح اللبنانيّ منذ العام 1975 بين الصمود والتكيّف تارةً والمقاومة تارة أخرى، يتعالى عن جرحه لفترة قبل أن يسقط في الوجع عند أوّل صدمة. وقد يكون وصف المحلّل النفسيّ شوقي عازوري أدقّ ما يمكن قوله لاختصار واقعنا "التغلّب على الموت من خلال الضحك عليه".
يرى عازوري أنّه "من المهم أن نعرف أنّ الحياة والموت أساسهما الحداد، الذي يعتبر أساساً للانتقال من حزن الموت إلى الحياة. حالات الحداد التي حملها الناس معهم منذ 1975 في لبنان تتوالى بوجوه مختلفة، أصعب شيء على الإنسان هو عدم قدرته على الحداد".
لذلك يشدّد عازوري على أهمية انتهاء الحداد وإلّا سيبقى الإنسان يعيش في قوقعته، وسيبقى غارقاً في حداد لم ينتهِ بعد.
ولا يخفي عازوري أنّ اللبناني يرافق الموت منذ الحرب اللبنانية في السبعينات، ولمس ثقافة الحياة في الهدنات التي كان يُتّفق عليها لوقف القتال وتعتبر في حدّ ذاتها تمسّكاً بالحياة. البعض نجح في الحداد والبعض الآخر لم يتخطاه، لذلك نحن بحاجة إلى المصارحة والمصالحة، ويجب معرفة التاريخ والذاكرة حتى يتمكّن اللبنانيون من طويّ الصفحة إلى الأبد.
وتعترض الأستاذة في علم الاجتماع الدكتورة مي مارون على "تسمية ثقافة الحياة وثقافة الموت" باعتبارها تسمية سياسية ومزايدات في الوطنية والشعارات.
لا يمكن أن نقسو على الناس ونجلدهم في الاتهامات ونكران واقع الحرب المستمرّة. الجميع يعيش حالة عدم استقرار والبعض يهرب من هذا الواقع بحثاً عن الفرح، فيما آخرون ينقطعون عن سماع الأخبار لحماية أنفسهم وعدم التفكير في الغد.