الأربعاء - 02 تشرين الأول 2024
close menu

إعلان

" ما عاد عنا أعصاب"... لسان حال اللبنانيين بعد الهزة والمصالحة مع الصدمات غير المعالجة أساسي

المصدر: "النهار"
غرافيكس ديما قصاص.
غرافيكس ديما قصاص.
A+ A-
يتلقف اللبناني الصفعات واحدة تلو الأخرى، لم يتنفس الشعب اللبناني الصعداء بشكل طبيعي حيث تتوالى الأزمات لتُشكّل هاجساً عميقاً أشبه بقنبلة موقوتة داخله. من الأزمة الإقتصادية إلى انفجار المرفأ إلى جائحة كورونا ومن ثم الحرب مع إسرائيل والهزات الأرضية، يحمل قلقه ومخاوفه ويمضي قبل أن يسقط سريعاً عند أول اختبار.
 
وقد تكون عبارة "ما عاد نعا أعصاب" أكثر دقةً في وصف حال اللبنانيين الذين وجدوا أنفسهم في حلقة مغلقة يواجهون فيها مشاعر الخوف والقلق وعدم الأمان.
وإذا نظرنا إلى الصورة من بعيد، يصعب اغفال أي من هذه الأحداث والأزمات التي طبعت بطريقة أو بأخرى ترسبات وتراكمات نفسية وصدمات غير معالجة.
 
تتحدث المعالجة النفسية ريما بجاني انطلاقاً من التراكمات التي يحملها معه الشعب اللبناني منذ أكثر من 50 عاماً ونتوارثها من جيل إلى جيل، حيث خرجنا من حرب 1975 حاملين جروحاتنا حيث لكل شخص صدمته الخاصة التي عاشها. وبالتالي أي صوت أو حدث أو مشهد من شأنه أن يُوقظ اللاوعي ويُعيد الصدمة المدفونة إلى الواجهة والتي تُترجم بالقلق والخوف واضطراب ما بعد الصدمة.
 
ويرى علم النفس أن الدماغ يُخزن كل الصدمات والذكريات التي تطفو من جديد عند مواجهة حدث مشابه لما عاشوه من أزمات في الماضي. لذلك لتجنب توريث أطفالنا ما نحمله، من المهم جداً وفق بجاني أن "نصارحهم بما يحصل بما يتوافق مع قدرتهم على الفهم من دون إثارة خوفهم وقلقهم، فتصرف الأهل تجاه الهزّة يرسم معالم تصرف الأطفال بالخوف والقلق أو الاطمئنان والهدوء".
 
وترى بجاني أن الخوف أصبح متجذراً في نفوس اللبنانيين، لكن الأذى النفسي الناتج عن الزلزال هو حدث طبيعي لا يمكن التحكم به وهو عامل طبيعي قابل الحدوث ولا يمكن منعه. لكن التاريخ الجيولوجي في لبنان يشير إلى أن حدوثه قائم بنسبة محدودة ويمكن تحصين أنفسنا من خلال الحماية والاجراءات الوقائية التي يجب اتخاذها في حال حدوث أي زلزال.
 
 
لا يمكن تجزئة الضغوط النفسية التي يتلقفها اللبناني على مرّ السنين، وكما تقول بجاني إننا "نعيش في حالة قلق دائم من وضع موجود ولم يتحسن، من محاولة الخروج من الأزمات المتتالية ونحن لم نتعافَ بشكل صحيح ولم يتمكن اللبناني من التعامل مع كل هذه الصدمات والشفاء منها، لذلك نرى قسم من اللبنانيين يتأثر أكثر من غيره وآخرون يعيشون حالة إنكار للواقع وخطر التأقلم الذي يعطل آلية الدفاع لدى الشخص والقبول بالوضع الراهن".
 
وعن نزول الناس إلى الطرقات عند الشعور بالهزة كما حصل بالأمس، ترى المعالجة النفسية أن "هذا التصرف يظهر كأننا على استعداد لمواجهة خطر، حيث نكون متأهبين دائماً ويجب التصرف بسرعة. وكأن دماغنا في حالة تأهب من وجود خطر".
 
ونتيجة هذا الواقع المقلق الذي نعيش فيه، تبقى أهم نصيحة يمكن أن تقدمها بجاني في عدم متابعة مصادر مختلفة، والاكتفاء بمتابعة مصدر واحد موثوق كفيل في ابقاء الشخص على اطلاع بما يجري من دون ضغط أو ضياع.
 
أما النصيحة الثانية فتتمثل في تشجيع كل شخص على الحديث إلى اختصاصي، فجميعنا بحاجة إلى التعبير عما يعترينا وما ورثناه من أهالينا، لتفريغه والتصالح معه والحصول على الدعم النفسي المناسب.
 
أما على الصعيد العائلي، تنصح الأهل بمعالجة قلقهم حتى لا يمتصه أطفالهم حيث ينتقل القلق والخوف إليهم. لذلك من المهم جداً شرح ما يجري بطريقة مبسطة وعلمية وسهلة وغير مقلقة إلى الأبناء حتى نتجنب توريثهم مشاعر القلق.
 
في حين تقع على الدولة مسؤولية متابعة شعبها خلال الأزمات وتأخذ على عاتقها هذه المسؤولية من خلال تأمين خلية أزمة مؤلفة من متخصصين في علم النفس لمتابعة الشعب على أرض الواقع كما شهدنا في السابق في فرنسا خلال عملية الدهس أو في أميركا بعد عودة الجنود من حرب العراق.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم