النهار

هل يطبّق حقّ الدفاع عن النفس على الكيان الإسرائيليّ؟
المصدر: النهار
هل يطبّق حقّ الدفاع عن النفس على الكيان الإسرائيليّ؟
A+   A-

العميد المتقاعد مارون خريش

تدّعي إسرائيل بشكل دائم وواثق حقّ الدفاع عن النفس؟ وتسأل الدول الأخرى إذا كانت ترضى بأن يتعرّض مواطنوها إلى ما تعرض له مستعمرو غلاف غزة والقرى المحتلة والمستعمَرة في شمالي فلسطين. 
وتُردد الدول التي تدور في فلك أميركا عن غير معرفة أو عن قصد هذه المقولة ما يشجّع هذا الكيان على ارتكاب المجازر واضعاً كلّ أعماله غير الإنسانية وغير الأخلاقية ضمن حقّه المزعوم زوراً. فهل يطبق هذا الحقّ على أسباب شنّ إسرائيل للحروب ضدّ جيرانها؟ وهل يحقّ لها ممارسة كلّ هذا التدمير والقتل دون رادع أو ضوابط؟

شروط الدفاع عن النفس:
على ماذا ينصّ ميثاق الأمم المتّحدة في هذا الخصوص:
تنصّ المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الصادر في السادس العشرين من حزيران عام 1945 على الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات لها بالدفاع عن نفسها إذا اعتدت عليها أو على أحد أعضائها قوة مسلحة، وذلك إلى أن يتم اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ السلام والأمن العالميين. وهكذا يكون الميثاق قد أجاز استخدام القوة للدول بصورة استثنائية في حالات محددة بعد أن حظّر عليها في مادته الثانية استخدام القوة وأجازه حصراً لمجلس الأمن الدوليّ. 

شروط اكتساب الحقّ
ولكنّ الميثاق وضع شروطاً لاكتساب هذا الحقّ من قبل مختلف الدول الأعضاء أستطيع أن أوجزها كما يأتي: 
الشرط الأول: أن يكون رد فعل على هجوم مسلح من قبل دولة أو دول أعضاء.
الشرط الثاني: ألّا يكون الهجوم من قبل جماعات المقاومة لمواجهة الاحتلال أو الاستعمار.
الشرط الثالث: ألّا تكون الدولة دولة احتلال أو استعمار حسب القانون الدوليّ.
إذاً استثنى الميثاق هذه الدولة من حقّ الدفاع وأعطاه لجماعات المقاومة.
واستناداً إلى ذلك لا يمكن أن تدّعي اسرائيل حقّ الدفاع عن النفس، وما ادعاؤها ذلك إلّا تزوير وافتراء ومخالفة للقانون الدولي. وما مواقف أميركا والغرب الذين يبررون أعمال إسرائيل تحت هذا الشعار إلّا موقف سياسيّ بعيد كل البعد عن المنطق وعن القانون الدولي.

مبادئ تطبيق حقّ الدفاع عن النفس
ولكن لو سلمّنا جدلاً وليس حقاً من أجل فحص النتائج، فإنّ الأعمال الحربية الإجرامية التي تنفذها إسرائيل ضمن الدفاع عن النفس المدعى به زوراً، تتعارض مع الشروط التي فرضها الميثاق على الدول الأعضاء وأهمها: 
١- أن تصُدّ الدول الهجوم بأقلّ قدر من القوّة.
٢- أن يكون الردّ متناسباً مع الهجوم.
٣- أن يكون الردّ مؤقتاً ريثما يتولى مجلس الأمن المعالجة.
٤- ألّا تُستخدم في الردّ الأسلحة المحرّمة دولياً. 
٥- ألّا تقوم الدولة صاحبة الحقّ بالتعدي على المستشفيات ودور العبادة ورجال الإنقاذ لأيّ جهة انتموا.
٦- ألّا يتحوّل الردّ إلى إبادة جماعية. 
٧- عدم إحكام الحصار أو منع مقوّمات الحياة بقصف الكهرباء والماء ومستودعات الدواء وأماكن الإيواء واللجوء.
٨- ألّا تشمل أهداف الردّ خططاً للقضاء نهائياً على المهاجم.
٩- ألّا تكون الدولة محتلةً للبلد المهاجم أو لجزء منه أو تستعمر هذا البلد.
ويظهر جلياً بناءً على ذلك كأنّ العدو الإسرائيلي يقرأ القانون الدولي ويعمل بعكسه تماماً. وكأنّ الدول التي وقفت إلى جانب هذا المعتدي قد تخلّت عن مبادئها وعن المبادئ التي وقّعت عليها عند انضمامها إلى الأمم المتحدة، أو كأنّ سياسة التفريق العنصري الدفينة في أعماقها منذ أيام الاستعمار والاحتلال قد استفاقت مجدّداً ووكّلت الكيان العنصري الوحيد في العالم الذي ما يزال ينتهج هذه السياسة بالأخذ بالثأر من كلّ حركات التحرر ومن كلّ مقاومة للاحتلال وللاستعمار. وهذا ما يطرح بشكل جدّيّ مسألة الخطر على وجود منظمة الأمم المتحدة في ظلّ التنكّر للأهداف التي أنشئت من أجلها، ويستحضر شريعة الغاب بين الدول ويجعل مصير الأمم الصغيرة عرضة للخطر وشعوبها عرضة للقتل وأوطانها عرضة للخراب.
يا أمم العالم اتّحدوا. البشرية في خطر .

اقرأ في النهار Premium