د. ســليم زخّـور
"ترامب يفوز بالانتخابات الرئاسية الأميركية"... قد يكون عنواناً ترجيحياً جريئاً قبل ثلاثة أسابيع من موعد إجرائها. صحيح أنه من الصعب حسم النتيجة بشكل قاطع، ولكن قراءة استطلاعات الرأي بدقة تمنح مؤشراً واضحاً إلى إمكانيات الفوز للمرشحَين.
تُبين استطلاعات الرأي العامة على مستوى الولايات المتحدة، تقدم كامالا هاريس بفارق 1،2% على المرشح الجمهوري دونالد ترامب، حسب المعدل العام لنحو 12 استطلاع للرأي أجريت على المستوى الوطني في الأسبوعين الأخيرين، وكان من بينها وكالة رويترز، ومحطات التلفزة الأميركية، مثل، NBC، CBS، وFOX.
عندما نتحدث عن قراءة استطلاعات الرأي، إنما نعني دراسة معمَّقة لاستطلاعات العام 2024، مقارنة باستطلاعات العامين 2020، و2016، بعد مقاربتها بالنتائج الفعلية لتلك الانتخابات. وبالطبع لا نعني الاستطلاعات العامة، بل الاستطلاعات الخاصة بكل ولاية من الولايات المتأرجحة، والتي تؤثر نتائج السباق الرئاسي فيها بشكل حاسم على نتائج الانتخابات العامة.
بينت النتائج العامة للانتخابات واستطلاعات الرأي أن الولايات المتأرجحة في السنوات الماضية، تتركز على بنسلفانيا (19)، ميشيغان (15)، ويسكونسن (10)، جورجيا (16)، نورث كارولاينا (16)، نيفادا (6)، وأريزونا (11)، بمجموع 93 من أصوات الهيئة الناخبة، من أصل 538. مع العلم أن المطلوب للفوز بالانتخابات هو الحصول على 270.
يعتمد هذا المقال على دراسة هذه الولايات بناء على أحد المواقع الأميركية المتخصصة في هذا المجال (real clear politics)، وخاصة من خلال حركة استطلاعات الرأي على مدى هذه السنوات، منذ 2016، وحتى اليوم، ومقاربتها مع النتائج الفعلية للانتخابات.
وهنا، نشير إلى اعتماد معدلات كافة الاستطلاعات التي أجريت في الأشهر الأخيرة قبل كل انتخابات، مع العلم أن دونالد ترامب كان مرشحاً خلال هذه الانتخابات كلها.
إذاً، وبناء على هذه الدراسة، يمكن تبيان النتائج التالية:
أولاً: الولايات التي أخطأت استطلاعات الرأي فيها لصالح الجمهوريين:
- بنسلفانيا: في عام 2016 كان هامش الخطأ لصالح الجمهوريين بنسبة 2,8% وفي عام 2020 كان هامش الخطأ 2،4%.
- ميشيغان: في عام 2016 كان هامش الخطأ لصالح الجمهوريين بنسبة 3،9% وفي عام 2020 كان هامش الخطأ 3،7%.
- نورث كارولاينا: في عام 2016 كان هامش الخطأ لصالح الجمهوريين بنسبة 2,6% وفي عام 2020 كان هامش الخطأ 2،5%.
- ويسكونسن: في عام 2016 كان هامش الخطأ لصالح الجمهوريين بنسبة 7،2% وفي عام 2020 كان هامش الخطأ 5،7%.
ثانياً: الولايات التي أصابت فيها الاستطلاعات بشكل دقيق:
- جورجيا: في عام 2016 كان الهامش بين استطلاعات الرأي والنتائج الفعلية 0،3%، وفي عام 2020 كان 0،5%.
- أريزونا: في عام 2016 كان الهامش بين استطلاعات الرأي والنتائج الفعلية 0،5%، وفي عام 2020 كان 0،9%.
ثالثاً: الولايات التي لا يوجد توجه واضح فيها:
- نيفادا، حيث أشارت الاستطلاعات عام 2016 إلى فوز الجمهوريين بنسبة 0،8%، بينما أتت النتائج الفعلية لتبين فوز الديموقراطيين بنسبة 2،4%، وفي عام 2020 أشارت الاستطلاعات إلى فوز الديموقراطيين بنسبة 4% بينما أتت النتائج الفعلية لتبين فوزهم بنسبة 2،4%.
واليوم في 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2024، تشير الاستطلاعات إلى تقدم ترامب بنسب مختلفة، في كل هذه الولايات: بنسلفانيا (0،8%)، ميشيغان (1،2%)، جورجيا (1،8%)، نورث كارولاينا (0،5%)، نيفادا (0،7%)، أريزونا (1،8%)، وولاية ويسكونسن (0،4%).
على الرغم من أن هذا التقدم يعتبر بسيطاً في علم الإحصاء، إلا أن مقاربته مع هوامش أخطاء وإصابة الاستطلاعات مقارنة مع النتائج الفعلية للانتخابات السابقة، يمكننا من التقدير أن ترامب سيحقق فوزاً بأربع ولايات، هي ويسكونسن، ميشيغان، بنسلفانيا، ونورث كارولاينا.
إذاً، انطلاقاً من هذه المقاربة، يمكن القول إن دونالد ترامب سيكون الرئيس المقبل للولايات المتحدة، من خلال فوزه على الأقل بــــ 279 صوتاً في المجمع الانتخابي (الهيئة الناخبة) من دون حسبان نتائج الولايات التالية: جورجيا، أريزونا، ونيفادا، وذلك بناء على تقدير فوز ترامب بالولايات الأربع المذكورة أعلاه، مع العلم أن حظوظه للفوز بولايتي جورجيا وأريزونا تبقى كبيرة، ولكن بحسب مقاربتنا تبدو الولايات الأربع أكثر ترجيحاً.
تبقى استطلاعات الرأي مؤشراً قوياً إلى حركة الرأي العام، وتكتسب صدقيتها من صحة النتائج التي تقدمها مع مرور الزمن. ولكن رغم التقديرات الحالية التي تشير إلى فوز ترامب، إلا أن المعطيات قد تتغير في اللحظات الأخيرة. عوامل متعددة، أو حتى مفاجآت سياسية غير متوقعة، قد تؤثر بشكل كبير على توجهات الناخبين. لذلك، لا يمكن الجزم بشكل نهائي بالنتيجة حتى يتم الإعلان الرسمي بعد فرز الأصوات. في النهاية، يبقى الرأي العام متقلباً وقابلاً للتأثر حتى اللحظة الأخيرة، وهو ما يجعل أي تحليل استباقي، مهما كان دقيقاً، بحاجة إلى مراجعة وتعديل مع اقتراب يوم الانتخابات.