استهداف سيارة في عاريا. (حسام شبارو)
العميد الركن المتقاعد مارون خريش
كانت المرحلة الأولى من الحرب إسناداً لغزة والهدف كان تعزيز موقف غزة العسكري والتفاوضي لوقف النار، لكن حزب الله لم يحقق هذا الهدف. والدليل أن المفاوضات تدور الآن في غزة من دون "الحزب"، ولبنان يسعى بجهد كبير ليوقف نار الحرب التي تلتهمه بعد أن زجّه حزب الله فيها.
في المرحلة الثانية من الحرب أصبحت المواجهة مباشرة، والهدف الإسرائيلي استغلال الفرصة للتخلص من أعدائها الواحد تلو الآخر، والهدف الإيراني تعزيز موقفها، أي إيران في مفاوضات الملف النووي وأساسه صمود "حزب الله" لتعزيز هذه المفاوضات. والدليل أنه بالرغم من أن أميركا نجحت في منع إسرائيل من ضرب المنشآت الإيرانية، أو أجّلت حدوثها، عادت إسرائيل لتصرّح بأن الهدف الأساسي لها هو منع إيران من امتلاك السلاح النووي أكثر مما هو تدمير حزب الله. وأنها تحتفظ بحق توجيه ضربة إضافية لإيران وبالتحديد على منشآتها النووية. بالإضافة إلى تصريح وزير الدفاع في إسرائيل أنها قد حققت أهدافها من الحرب على حزب الله.
إذاً، مساندة قوة المقاومة من قبل إيران لردّ العدوان تشكّل قوة إضافية لإيران وتعزز موقفها في مفاوضاتها. في المقابل ترك المقاومة وحيدة في الميدان سوف يطيل عمر الحرب ويزيد من الخسائر البشرية والمادية في لبنان . إلّا أنه يعزز أيضاً موقف إيران ويُكسبها الوقت لحين إنتاج أول قنبلة نووية مهما طال زمن إنتاجها.
إيران في كل الأحوال مستهدَفة من أجل برنامجها النووي. فإما تحزم أمرها وتضغط على إسرائيل بواسطة ذراعها حزب الله، فتفرض شروطها على أميركا، وإما تترك "الحزب" يقاتل وحده لمدة طويلة، آملةً أن تستطيع في هذا الوقت صنع قنبلتها النووية الأولى. والأمر سيان لديها، فكلا الحالتان تخدمان مصالحها.
إسرائيل بنتيجة ذلك تستطيع تحقيق أهدافها في لبنان بالقوة وبفعل أي قرار دولي، لأنها ستفرض شروطها وتمنع على الحزب التواجد جنوبي الليطاني وتراقب تحركاته وتحصل على الضوء الأخضر من أميركا لضربه. اما إيران فتستغل صمود الحزب وتمرر الوقت لصنع قنبلتها النووية المرجوة.
ونأتي أخيراً إلى حزب الله ولبنان، فنرى أنهما متروكان لتلقّي الضربات القاتلة وخسارة خيرة الشباب وتدمير قراهما ومدنهما. فالحرب تدور على أرضهما وهما أكبر الخاسرين، وكل يوم يمر من دون وقفٍ لإطلاق النار يشكّل خسائر إضافية تضع لبنان في أزمات عدة لجيلين أو أكثر، وقد تضعه أيضاً على حافة الحرب الأهلية.