النهار

في ان ترامب "ممانع" أيضاً
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
A+   A-
معنى "الممانعة" في قاموس "معاجم اللغة" هو "اسم علم مذكر عربي، وهو مشتق من الفعل منع : حرَمَ، كفَّ، حجرَ، حدَّ". أما محور الممانعة بحسب انسكلوبيديا "ويكيبيديا" فهو "اسم أطلقته على نفسها الدول التي تعارض السياسة الاميركية في منطقة الشرق الاوسط. من هذه البلدان إيران، سوريا و"حزب الله" في لبنان."

ترامب بمعنى ما، يعارض هو أيضاً السياسة الاميركية، ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط، بل في أميركا وفي العالم بشكل عام. لذلك أرى فيه شخصية "ممانعة". فلنستعرض بعض مواقفه.

السياسة الأميركية في أميركا تطورت بإتجاه المزيد من السلطات للدولة الاتحادية، وترامب يمانع ذلك ويفضّل تقليصها لصالح الولايات.

السياسة الأميركية في أميركا تنحو نحو المزيد من الليبرالية في الأخلاقيات العامة والحريات الشخصية والعلاقة بين المرأة والرجل والعلاقات الجنسية والاجهاض، وترامب يمانع ذلك ويدافع عن التقاليد الموروثة والأخلاقيات الدينية المسيحية البروتستانتية المحافظة، المتعاطفة مع اليهودية الصهيونية.

السياسة الأميركية في العالم تدفع باتجاه عولمة الاقتصاد وحرية حركة الرأسمال والبشر بين البلدان، وترامب يمانع ذلك ويدعو الى حماية الاقتصاد الوطني وبناء الجدران بين البلدان المجاورة وتقييد حركة العمالة المهاجرة وترحيلها.

السياسة الأميركية في العالم عززت دور الناتو كتحالف أمني أميركي- أوروبي بوجه القوى العالمية الأخرى، وترامب يمانع ذلك ويسعى لتقليص دور الناتو والتدخلات العسكرية الأميركية في العالم وفي الحروب.

السياسة الأميركية في المنطقة العربية توسطت لعقد اتفاقيات سلام ثنائية مع بعض البلدان العربية وروّجت لـ"حل الدولتين" في فلسطين المحتلة، وترامب يمانع ذلك ويروّج لصفقة القرن بديلا عن حل الدولتين، بعد أن اعترف، في ولايته الاولى بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلَ السفارة الأميركية اليها، وأطلق مسار اتفاقات ابراهام التي طبّعت علاقة بعض البلدان العربية بإسرائيل وهو يطمح لتوسيع عملية التطبيع.

السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط توصلت الى اتفاق حول النووي الايراني، وترامب يمانع ذلك، فقد انسحب من الاتفاق في ولايته الاولى مؤكداً على عدم اعترافه به.

ها هو ترامب اذاً يعارض السياسة الأميركية بتوجهاتها المتعددة الداخلية والخارجية، ويمكن وصف سلوكه بشكل عام بـ"الممانع". وتتقاطع بعض مواقفه مع مواقف "محور الممانعة" وعلى رأسه ايران، بشأن الدين والأخلاقيات الدينية والهويات الوطنية والمذهبية والعولمة والناتو وحل الدولتين.

العقلية "الممانعاتية" عند ترامب و"محور الممانعة" تبدو متقاربة ولو أن المصالح الدولية والاقليمية تباعد بين الاثنين وتهدد بتأجيج الحرب بين إسرائيل من جهة وحماس و"حزب الله" من جهة ثانية، وربما بتوسيعها لتشمل إيران في مرحلة لاحقة. وقد يترحم "محور الممانعة" على ممانعته للسياسة الاميركية الحالية، بعد اختباره للسياسة الاميركية "الممانعاتية"، خاصة إذا تقاطعت مع سياسات بلدان أوروبية يحكمها أو سيحكمها اليمين المتطرف، "الممانع" بدوره للوحدة الاوروبية وللعمالة المهاجرة والمتمسك بالقيم الدينية المسيحية المحافظة.

الا اذا أوصلت انتهازية ايران المعهودة وتقلبات ترامب المعروفة، الى صفقة طال انتظارها بين الطرفين. والتعويل هنا أيضاً على العقلية "الممانعاتية" المشتركة، وهي عقلية، علمتنا التجربة، أنها تعاني من انفصام حاد، بين القول والفعل.

اقرأ في النهار Premium