المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.
الأسبوع الماضي، التقى خامنئي بأعضاء مجلس خبراء القيادة وتحدث عن موضوعات مختلفة، ولكن يبدو أن الهدف الرئيسي من الاجتماع كان مناقشة اختيار ولي الفقيه القادم. قال خامنئي: "مجلس خبراء القيادة هو أحد أكثر المؤسسات الثورية في الجمهورية الإسلامية. والسبب في وصفه بأنه الأكثر ثورية هو دوره في اختيار القيادة". واضاف: "بحمد الله، فإن مجلس الخبراء مستعد للقيام بهذا الدور ويجب أن يكون على أهبة الاستعداد".
لاحظوا أنه يقول إن مجلس الخبراء الآن مستعد لأداء هذا الدور، أي اختيار الولي الفقيه. لكن النقطة الأهم في كلمته هي سبب ودور ولاية الفقيه في النظام، بالإضافة إلى خصائص هذا المنصب. قال خامنئي: "المهمة الكبرى المتمثلة في منع الانحراف والتراجع في النظام الإسلامي تقع على عاتق القيادة، ومسؤولية اختيار هذا العنصر الحاسم تقع على مجلس الخبراء. وجود مجلس الخبراء يضمن استمرار حركة النظام نحو أهدافه دون أي توقف، لأنه عند الحاجة يقوم المجلس فوراً بتحديد الزعيم التالي، وستظل هذه السلسلة مستمرة بقوة واقتدار ".
واعتبر خامنئي أهمية مكانة مجلس الخبراء دليلاً على ضرورة أقصى درجات الدقة عند اختيار القيادة. وأضاف: "يجب ممارسة أقصى درجات الدقة في التحقق من الشروط المذكورة في الدستور للقائد، بحيث يتم التأكد من أن جميع الشروط متوفرة فيه، بما في ذلك الإيمان الراسخ بمسار الثورة وهدفها، والاستعداد للسير في هذا الطريق باستمرار ودون كلل، ليكون جديراً بتحمل هذه المسؤولية".
خصائص ولي الفقيه وفق المادة 109 من دستور ولایة الفقیه في إیران هي كالتالي:
1. الكفاءة العلمية اللازمة للإفتاء في مختلف أبواب الفقه.
2. العدالة والتقوى الضروريتان لقيادة الأمة الإسلامية.
3. البصيرة السياسية والاجتماعية، والتدبير، والشجاعة، والإدارة، والقدرة الكافية على القيادة.
لاحظوا أن ما وصفه خامنئي كمعيار رئيسي لم يرد في الدستور. حيث قال إن القائد يجب أن يتمتع بـ"إيمان راسخ بمسار الثورة وهدفها، واستعداد مستمر للسير في هذا الطريق دون كلل".
ومسار الثورة وهدفها يعنيان الحفاظ على النظام واستمراريته بنفس السياسات والنهج الحاليين. أي أن المعيار الحاسم هو الاستمرار في نهج وسياسة خامنئي نفسه.
بعد يوم من تصريحات خامنئي في اجتماع مجلس خبراء النظام في (7 نوفمبر)، التي دعا فيها إلى ضرورة استعداد المجلس لاختيار الولي الفقيه المقبل، تحدث الملا حيدري كاشاني، عضو مجلس الخبراء، عن كلمة خامنئي وأجواء الاجتماع، قائلاً: "انحبست أنفاسنا. أصدر أوامره بشكل صريح لمجلس الخبراء بضرورة التحرك الفوري، واختيار القيادة المقبلة وفقاً لأحكام الدستور… بجدية، بحزم، بقوة، دون تردد أو تأخير! مجرد التفكير في غياب ظل السيد عنّا، دفع بعض أعضاء مجلس الخبراء إلى البكاء بصوت عالٍ، ولم يتمكنوا من السيطرة على أنفسهم بسبب مجرد تخيل احتمال استشهاد السيد".
أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعاً داخل النظام، وظهرت آثارها في خطب صلاة الجمعة يوم (15 نوفمبر) في مدن مختلفة من البلاد. وتحدث عدد من وكلاء خامنئي عن الأمر، وكشفت تصريحاتهم المتناقضة حالة الارتباك والخوف التي تسبب بها الحديث عن قرب مفارقة "الخليفة" الحياة في أعلى مستويات النظام.
في خطبة الجمعة بمدينة "شهركرد"، أنكر الملا كيواني، وهو أيضاً عضو في مجلس الخبراء، تصريحات الملا حيدري من أساسها، لافتاً إلى أن شخصاً ما قال إن أعضاء مجلس الخبراء بَكوا…(بینما) لم يبكِ أحد. في هذا الاجتماع كان هناك تبسم وفرح وشعور بالقوة. كنا متحمسين، ولم نذرف حتى دموع الفرح. وما قيل عن إصدار السيد أوامره لمجلس الخبراء للبحث في موضوع القائد المقبل، أمر مرفوض تماماً".
وفي خطبة الجمعة بمدينة أصفهان، قال الملا مهدوي: "ما قاله خامنئي بشأن ضرورة أن يُعد مجلس الخبراء لشخص مناسب يتمتع بصفات القيادة لوقت الحاجة، ليس أمراً جديداً. فقد سمعت هذه العبارة منه حوالي 17 أو 18 مرة خلال العشرين سنة الماضية".
وأضاف: “هناك لجنة في مجلس الخبراء مكلفة بالتعرف على جميع الأشخاص الذين يُحتمل أن يكونوا مرشحين للقيادة، وليس فقط داخل إيران لأن مسألة ولاية الفقيه لا تقتصر على الحدود الجغرافية. تقوم هذه اللجنة بسرية تامة، ويختار أعضاؤها، الذين هم بعدد محدود، ثلاثة أشخاص يمتلكون قائمة بأسماء هؤلاء المرشحين مع الحفاظ على سرية الأسماء".
ربما لم ینجل بعد السبب الدقیق وراء طرح خامنئي لهذا الموضوع. لكن حتى لو لم تكن رائحة وفاة خامنئي نفسه قوية الآن، فإن رائحة موت نظامه تزداد قوة يوماً بعد يوم، وهو يفكر في مستقبل نظامه. ومن المؤکد بان خامنئي لا ینتابه الخوف من الموت – وهو امر یدرکه الجمیع – مثلما یخاف من مستقبل نظامه دون تحدید خلیفته قبل مفارقة الحیاة وربما يريد أن يُجلِس خليفته – الذي يقول الكثيرون إنه على الأرجح نجله مجتبى – على كرسي القيادة في حياته، ليقوم بدعمه بنفسه حتى يثبت أقدامه، ويزيل منافسيه ومعارضيه من طريقه، لكي يضمن بقاء نظامه في المستقبل