النهار

إسرائيل لا تستطيع القضاء على "حزب الله"
المصدر: "النهار"
إسرائيل لا تستطيع القضاء على "حزب الله"
يافطات لنصرالله على طريق المطار. (نبيل إسماعيل- النهار)
A+   A-

د. الياس ب. باسيل- محامٍ سابق في الولايات المتحدة الأميركية

 

هل تربح إسرائيل الحرب في لبنان؟

لا. فمهما فعلت لن تستطيع القضاء على "حزب الله" عسكرياً في لبنان، ولا جرّ الولايات المتحدة الأميركية إلى إدخال جيشها في حربٍ واسعة ضد المحور الداعم له في غربِ آسيا.

تكتياً، إنّ تمدد خطوط إمداد قوات إسرائيل البرّية داخل لبنان، سيكبدها خسائر لن تتحملها سياسياً واقتصادياً وديموغرافياً، وذلك سيزداد أسِّياً (exponentially) كلما امتدت مناورتها البرّية في لبنان جغرافياً وزمنياً، ولو أنّ إسرائيل ستُكَبِّد "حزب الله" خسائر فادحة. ذلك سيدفع إسرائيل إلى أن تضرب المدنيين اللبنانيين بشدّة، وخصوصاً الشيعة منهم، للضغط على الحزب، متخطيةً القانون الدولي، كما تفعل بكثافة في غزة منذ سنة. وسيضرب الحزب وحلفاؤه في اليمن والعراق، ولاحقاً إيران، أعيانها الإستراتيجية بشدّة متصاعدة، ما سيزيد التدهور الاقتصادي فيها وتالياً هجرة اليهود منها إلى حدِّ سيُعجِّل في تغيير تركيبة نظامها جوهرياً، في المدى الأبعد.

 

تكتياً أيضاً، تأخذ إسرائيل في الاعتبار في عمليتها البرّية التي بدأتها صباح مطلع تشرين الأول ٢٠٢٤، الانتخابات الأميركية في ٥ تشرين الثاني ٢٠٢٤، أي بعد نحو شهر. يُشكِّل ذلك سقفاً ثانياً يُضاف إلى السقف العسكري أعلاه. فإذا لم تُفلح في جرّ الولايات المتحدة الأميركية قبل ذلك التاريخ إلى إدخال قواتها المسلحة مباشرة في حربٍ واسعة وشاملة ضدّ المحور المساند الحزب، وبخاصةّ إيران، فلن تفلح في ذلك بعده.

 

تخضع الإدارة الأميركية الحالية لضغط انتخابي مزدوج، بين مساندي إسرائيل ومعارضيها، فتضطر إلى الاستمرار بالسياسة الملتبسة التي ما زالت تتبعها منذ ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣، أي بمساندة إسرائيل في الدعم العسكري والدبلوماسي وغيره، ولكن من دون إدخال جيشها إدخالاً مُباشراً وواسعاً في النزاع إلى جانبها. هذا الضغط سينحسر إلى أدنى الحدود بعد انتخابات ٥ تشرين الثاني، بصرف النظر عن هوية الفائز بالرئاسة، وهو ما سيدفع بالدولة العميقة الأميركية إلى زيادة سعْيِها للوصول إلى "اتفاق تعايش" (modus vivendi) مع إيران تريده كذلك الأخيرة، الأمر الذي سيُبعد إسرائيل أكثر عن هدفها المُعلَن بكسرِ إيران حفاظاً على قيمتها هي في النسق الإستراتيجي الأميركي كقوة قمعٍ قرب منابع الوقود الأحفوري وممراته.

 


الخلاصة أنّ إسرائيل في حربِها الحالية على لبنان، تخدم إستراتيجية الولايات المتحدة الأميركية بإتعاب إيران من خلال أذِّية حليفها الأقوى، "حزب الله" اللبناني، من دون أن تستطيع كسره جوهرياً. فإسرائيل بذلك تكون من حيث لا تدري، تحقق هدف الولايات المتحدة بتعزيز موقعها في المفاوضات مع إيران للوصول إلى اتفاق تعايش (modus vivendi)  ما زالتا تعملان له سراً وعلناً منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي من دون أن تُبرماه بصيغته النهائية بعد. عندها، لن تستثني إيران "حزب الله" وحلفاءها من منافع ذلك الاتفاق، حِفظاً لقوتهم وللاستفادة منها إذا انقلبت الولايات المتحدة الأميركية عليه لاحقاً تحت ضغط مجموعات الضغط (lobbies) لديها، كما فعل جزئياً دونالد ترامب سنة ٢٠١٨.

 

 

اقرأ في النهار Premium