مع تقدم إسرائيل في خطواتها الهجومية على لبنان عبر إطلاق مرحلة الغزو البري للجنوب، تزامناً مع تصاعد وتيرة الكلام عن قرب ردها على الصواريخ الإيرانية، تتسارع الحركة السياسية الداخلية في مسعى للململة ما يمكن لملمته من تشتت وفقدان للسيطرة الداخلية على الوضع، بعدما عكست زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لبيروت والمواقف التي أطلقها من عين التينة، إمساك طهران بزمام القيادة، تحت عنوان عريض لا تراجع عنه رغم الخسائر الفادحة التي تكبدها "حزب الله" وبيئته الحاضنة، مؤداه أن لا وقف للنار قبل وقفها في غزة، وسط استمرار التمسك بمعادلة وحدة الساحات.
هذا الموقف لا يترك خيارات كثيرة أمام لبنان الرسمي الذي يتحرك على خطّي عين التينة - السرايا تحت عنوانين أساسيين متوازيين في الأهمية: التزام تطبيق قرار مجلس الأمن 1701، وانتخاب رئيس للجمهورية يتولى مسؤولية مواكبة التطبيق.
وفي ظل استمرار الحزب بالتزام القرار الإيراني عدم فصل الساحات، يبدو السؤال مبرراً عن مدى قدرة لبنان على الذهاب بالتزاماته حيال وقف للنار من جانب واحد، ومباشرة تطبيق القرار 1701، وسط سؤال استطرادي تفرضه التزامات مماثلة، عن مدى امتلاك السلطة القرار المستقل لتحقيق ذلك.
ولعلّ ما يبرر هذه التساؤلات أنّ قرار وقف النار ليس في يد الدولة، بل لدى الحزب. وحتى الآن، لا تشي المعلومات المتوافرة بأنه بلغ مرحلة من التراجع تدفعه إلى تسليم زمام الأمور للدولة على نحو يضمن المخرج من المأزق المحتوم الذي بلغته "حرب الإسناد"، تحت وطأة وحشية إسرائيلية متفلتة من أي عقال أو سيطرة، وغير محدودة بالزمان والمكان. وقد جاءت تحذيرات نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الذي حط فجأة في بيروت، لتعزز هذه المخاوف، إذ عُلم أن الدبلوماسي الأردني قد أعرب عن قلق بلاده من تمدد الاعتداءات الإسرائيلية إلى أبعد من غزة ولبنان وصولاً إلى فتح جبهة حرب على الضفة.
أما لجهة مدى امتلاك لبنان القرار الذي يتيح له تطبيق القرار الدولي، فكل المعلومات المتقاطعة بين السرايا وعين التينة تؤكد أن لبنان الرسمي جادّ في تعهده هذا ويملك قراره، وحريص على التطبيق، وهو بدأ استعداداته للانتقال إلى المرحلة التطبيقية، وقد تبلور ذلك في المعلومات المتوافرة عن أن رئيس الوزراء أكد استعداد الحكومة لإرسال ستة آلاف عسكري في الجيش إلى الجنوب لينضموا إلى أربعة آلاف عنصر هناك.
لكن هذا الالتزام يصطدم بشرط وعقبة. الشرط هو أن تلتزم إسرائيل تنفيذ الجانب المتعلق بها في القرار الدولي، أي الانسحاب من لبنان ووقف خروقها البرية والبحرية والجوية. أما العقبة فتتمثل باستمرار افتقاد الجيش التمويل الكافي لتجهيزه وإرساله إلى الجنوب. وهذا يقود إلى خلاصة مؤداها أن لا فائدة من المطالبة بوقف أحادي للنار ما دامت إسرائيل مستمرة في ممارساتها الوحشية، وليست في وارد الرد على أي مطالبات محلية أو دولية بالتوقف!
كادر:
• 15 ألف جندي هو عدد العناصر المطلوبة في الجنوب وفق قرار مجلس الأمن، وحالياً هناك 4 آلاف، وقد وافقت الحكومة على تطويع 1500
• وزير الخارجية الأردني متخوف من بدء الحرب على الضفة