لن يستطيع رئيس مجلس النواب نبيه بري مطلقا في اي حال من الاحوال ولا سيما في ظل ائتمانه من شريكه في الثنائي الشيعي على ادارة التفاوض مع الخارج لوقف الحرب ومرحلة غياب قيادة "حزب الله " ، طلب او تأييد تنفيذ القرار 1559 باعتبار انه يدعو بصراحة ووضوح في بنده الثالث الى"حل جميع الميلشيات اللبنانية ونزع سلاحها ". فلا مصلحة له بذلك وهذا لا يحصل وفق قرار بل في تسوية سياسية اقليمية كبيرة لها اثمانها . فيما ان القرار 1701 يتضمن في بنديه الثالث والثامن نزع سلاح الميلشيات وليس في مقدمته من خلال الاشارة الى القرار 1559 "وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية وممارسة سيادتها عليها وفق أحكام القرار 1559 والقرار 1680 لعام 2006، والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف ومنع تداول الأسلحة أو استخدامها دون موافقة الحكومة" .واضافة إلى تشديد القرار على منع السلاح واستخدامه إلا بإذن الحكومة فإن القرار دعا جميع الدول إلى اتخاذ تدابير لـ:"منع بيع أو تزويد أي كيان أو فرد في لبنان بأسلحة وما يتصل بها من عتاد من كل الأنواع، بما في ذلك الذخيرة والأسلحة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار، سواء كان منشؤها من أراضيها أو من غيرها". وكذلك "منع تزويد أي كيان أو فرد في لبنان بأي تدريب أو مساعدة في المجال التقني في ما يتصل بتوفير الأسلحة أو صيانتها أو استخدام المواد المذكورة أعلاه، والسماح فقط بما تسمح به الحكومة اللبنانية أو قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان " .
وهذا يعني عمليا منع ايران او سواها من تزويد الحزب بالاسلحة التي زودته طهران بها والتي انشأت بذلك مشكلة كبيرة للبنان باتت عصية على تفكيكها فيما لا يرغب الخارج يتحمل هذه المسؤولية . وهناك غموض في مواقف المسؤولين اللبنانيين ازاء ما يرغبون في تنفيذه من القرار 1701 حتى لو قالوا بتطبيقه كاملا ، فهذا لا يتصل بهم وحدهم ولا قرار لهم فعليا فيما يعيدون الادبيات نفسها منذ بدء الحرب في غزة في 7 تشرين الاول من العام الماضي ، وذلك في الوقت الذي تبدلت المعطيات والظروف. اذ ان الاشكالية الكبيرة ظهرت في مدى توغل ايران في ادارة الحزب وشؤونه والحرب من خلاله او معه، وهو امر كان معروفا الى حد بعيد ، لكنه حمل مفاجآت متتالية تم الكشف فيها عن مدى الانخراط المباشر لايران في داخل لبنان وتظهير الحزب تنظيما لبنانيا يعتمد بكليته على ايران وتشكل عصبه ، باتت عنصرا يجب ان يكون على الطاولة في المرحلة المقبلة. وهذا لا يمكن قبوله او استمراره في دولة يمكن ان تستعيد سيادتها او يراد لها ذلك حتى لو ان زيارات المسؤولين الايرانيين تشي بعدم التخلي عن خط دفاعهم الاول في المنطقة بالسهولة التي تم استهداف قياداته.
يقول ديبلوماسيون ان ال 1701 يفي بالمطلوب اذا تم تنفيذه بجدية وكاملا.
باستثناء الديبلوماسية الاميركية بدءا بوزير الخارجية انتوني بلينكن وصولا الى مندوب الولايات المتحدة في مجلس الامن حول تنفيذ القرار 1559 ، فان دولا عدة تحاذر الذهاب في المطالبة العلنية بتطبيق القرار لاعتبارات من بينها عدم الايحاء بالقفز الى استغلال المرحلة من اجل ذلك ولا استفزاز الطائفة الشيعية باعتبار ان ذلك من شأنه ان يعطل اي حل في لبنان في المستقبل القريب بدلا من ان يسهله . وحتى بالنسبة الى الموقف الاميركي الذي يرغب كثر في ان يستفيد من النافذة التي فتحت مع اضعاف اسرائيل الحزب من اجل اتاحة استعادة الدولة اللبنانية قرارها ، فان المرحلة الاميركية التي تشهد عدم ثبات تبعا للتغيرات القريبة التي قد تلحق بها ، فضلا عن واقع ان لبنان لا يشكل مصلحة حيوية للولايات المتحدة القصيرة النفس في متابعة موضوع من هذا النوع وفق تجارب كثيرة سابقة ، ما لم يتم دعمها من الدول الاوروبية والدول العربية كذلك ، قد تتبدل مع مفاوضات اقليمية مع ايران او سواها.
فاسرائيل لن تستطيع تدمير الحزب كليا او انهائه وايران ستكون جزءا من اي تسوية سياسية للصراع في لبنان وستحفظ للحزب حصته الوازنة . وكان لافتا صياغة بلينكن للموقف الاميركي بقوله " ان الأمر يعود إلى الشعب اللبناني، وليس لأي طرف آخر، وليس لأي طرف خارجي، سواء أكانت الولايات المتحدة أم إسرائيل أم أياً من الأطراف الأخرى في المنطقة "، مضيفاً أنّ "الشعب اللبناني لديه مصلحة قوية في أن تفرض الدولة نفسها وتتحمل المسؤولية عن البلاد ومستقبلها "، مذكّراً بأن " منصب الرئاسة ظلّ شاغراً لمدة عامين حتى الآن. وبالنسبة للشعب اللبناني، فإن وجود رئيس للدولة سيكون أمراً بالغ الأهمية ". واستدرك أن "هذا الأمر يعود إلى اللبنانيين وحدهم، ولا أحد غيرهم " . ومغزى ذلك تلقف واشنطن المخاوف من انه حتى الدفع في اتجاه انتخاب رئيس للجمهورية في هذا التوقيت قد يعطي مفاعيل عكسية وخطيرة نظرا الى التهديدات التي يستشعرها الحزب والطائفة الشيعية ككل راهنا وقد تعرض للخطر اي رئيس يأتي في ظروف مماثلة . فانتخاب رئيس جديد لم يعد يمكن الوصول اليه في حد ذاته خصوصا في هذه المرحلة بل من ضمن تسوية شاملة متكاملة.
الملاحظ في معطيات الحرب الاسرائيلية على الحزب فرض اجراءات قسرية من 1701 من بينها اضطرار الحكومة من اجل وضع مطار بيروت تحت اشراف الجيش اللبناني وقصف معبر المصنع مع سوريا منعا لامداد الحزب بالاسلحة وكذلك المعابر غير الشرعية والخوف على بقية المعابر في الوقت نفسه ، في موازاة توغل بري في قرى الجنوب بنية تدمير البنية التحتية العسكرية للحزب وابعاده الى ما وراء الليطاني. وهذا ايضا يؤخذ في الاعتبار في اي مفاوضات مقبلة . فالولايات المتحدة ، الحليف الرئيسي لإسرائيل والمورد الرئيسي لها بالأسلحة، قالت اخيرا أنها تدعم "جهود إسرائيل لإضعاف" حزب الله، (وليس تدمير الحزب او انهائه فيما ان واشنطن تحدثت مرارا بواقعية عن استحالة تدمير " حماس" فكيف بالحزب؟) ، ولكنها اعلنت أيضاً بأنها "في نهاية المطاف" تريد أن ترى حلاً دبلوماسياً للصراع. والكثير مما يجري راهنا يرسم الاطار لهذا الحل ايا يكن المدى الذي ستأخذه الحرب.