لعلنا نتفق أن الفن والإعلام يعتبران من ضمن التوجهات التي تعتمدها الدول في صناعة التأثير، وأقصد تكثيف الاستثمار في "القوة الناعمة". لدينا تجارب رائدة، مثل مبادرات هيئة المسرح والفنون الأدائية، ومنتدى الأفلام السعودي 2024، وتشييد مسارح وإنتاج سيناريوهات ملهمة، وتوقيع 13 اتفاقية تسهيلات ائتمانية لتمويل عددٍ من المشاريع لشركات كبرى في قطاع الأفلام. ولكننا بحاجة لأعداد إضافية من الإعلاميين والمدونين، وكذلك الاستفادة من الخبرات الدولية لتفعيل قصص محلية جديدة ناجحة، لا يحاصرها التشدد أو تكتمها الأوهام.
يجب هنا أن أبارك للرياض لنجاحها المتميز بتقديم دورات تدريبية متخصصة ومتنوعة في مجالات الإعلام العسكري، بمشاركة منسوبي عدد من الجهات العسكرية والأمنية. أهمية هذه الدورات تكمن في تطوير الكفاءات في المجالات الرقمية، والتصوير عالي الجودة، وتصميم المجلات والكتيبات التثقيفية، وإدارة الإنتاج.
الأمنيات الصادقة للإعلام السعودي للتغطية الاحترافية لموسم الرياض، أحد أهم المواسم الكبرى. أقصد تحديداً "المملكة أرينا"، والبطولات العالمية وحفلات الراب الموسيقية، و"ذا فينيو" بتجهيزاتها وتصاميمها المسرحية المرنة بأحدث التقنيات السمعية والبصرية، و"ديونز أوف أرابيا" لنكتشف من خلالها تجارب غامرة في الثقافات العالمية. لا بد هنا أيضاً من التنويه بالفعاليات المقبلة والتعرف على مختلف الحضارات في "بوليفارد وورلد"، وكذلك "فيا الرياض"، و"ذا جروفز"، إضافة لتشجيع أكثر من 1000 تجربة وفعالية سياحية، وعروض طائرات الدرون، ونزلات الملاكمة التاريخية. التقديرات تشير إلى أن الفعاليات الثقافية، بما فيها المسارح، تسهم بنسبة 5 في المئة من الناتج المحلي غير النفطي في تعزيز الأنشطة الاقتصادية.
التهاني القلبية لبرنامج "الرياض آرت" الذي تقوم عليه الهيئة الملكية، بمناسبة تنفيذ أكثر من 1000 عمل ومعلم فني من إبداع فنانين محليين وعالميين، وإصدار كتاب "نور الرياض... ثقافة بصرية جديدة" في احتفالية خاصة في العاصمة البريطانية لندن. يقام الاحتفال من 28 تشرين الثاني (نوفمبر) حتى 14 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، بمشاركة عدد من أمناء المتاحف والفنانين والمبدعين والمتخصصين في المجالات الإعلامية والثقافية من مختلف أنحاء العالم، كما حصد عدداً من الأرقام القياسية في "موسوعة غينيس للأرقام القياسية" بصفته أكبر احتفال للفنون الضوئية.
للمسرح أيضاً تأثير هام على الإعلام. تم في السعودية بناء وتحديث 263 مسرحاً في مختلف مدن المملكة، ولكن لا نزال بحاجة لبناء صروح جديدة، وحراك فاعل لدعم وتعزيز الفعاليات الفنية والثقافية. ما نحتاجه باختصار هو الترويج للدراسات النقدية، وتحفيز الاستثمار في المسرح السعودي، وأعني جذب استثمارات من القطاعين الخاص والعام لتأسيس صناديق تمويل لدعم المشاريع المسرحية. كذلك نريد تشجيع التوثيق السمعي والبصري ووضع قواعد للأرشيف الوطني للعروض السعودية، وزيادة الخدمات الفنية المحترفة، وإنشاء معاهد متخصصة لاكتشاف وتنمية المواهب المسرحية، مثل إحياء الفولكلور الشعبي حفظاً للفنون الأصيلة.
أحلى الكلام. التهاني القلبية لإطلاق "النهار" حلّتها الجديدة في عيدها الـ91، ونتطلع لنشرها المزيد عن الثقافة في السعودية.