لا يبدو لبنان الذي يحتفل اليوم بعيد استقلاله سعيداً؛ فسنة 2024 التي أوشكت على الانتهاء، ستدخل في سجل التاريخ كواحدة من أسوأ السنوات في تاريخه المعاصر. لبنان شعباً ودولة وحكومة هو الآن ضحية حقد إسرائيلي أسود وكريه بالغ في كراهية لبنان، وأخذ يستهدف عاصمته ومدنه وقراه ومرافقه وكل شبر فيه شمالاً وجنوباً يومياً.
ولبنان أكثر من ذلك، ضحية لحزب إيران في لبنان، الذي صادر قراره ويتلاعب بمصيره وزجّ به عنوةً في صراع ليس بصراعه، وفي معركة عسكرية ليست بمعركته، جلبت له كوارث وويلات أكبر من طاقته وقدرته على التحمل.
قد يكون حاضر لبنان محزناً ومؤسفاً وبائساً، وقد يعتقد البعض أن لبنان يتجه من سيئ إلى أسوأ، وأنه لم يصل إلى قاع القاع بعد. قد يكون كل ذلك صحيحاً مع استمرار العدوان الإسرائيلي اليومي، ومع إصرار حزب إيران على مواصلة القتال حتى آخر مواطن لبناني، لكن لبنان عوّد الجميع في كل تاريخه، القريب والبعيد والموغل في القدم والممتد لنحو 5000 سنة، على النهوض مجدداً والخروج من محنه وأزماته بأقوى مما كان عليه والعودة سريعاً إلى تألقه وتميزه والقيام بدوره الحضاري والنهضوي والتنويري في محيطه العربي.
لبنان لا يستسلم ولا ينهزم ولا يرفع الراية البيضاء وعصيّ على أعداء الداخل، وهم كثر، وأعداء الخارج، وهم أكثر.
من يعرف لبنان وشعبه وتاريخه صعوداً وهبوطاً، يعرف حق المعرفة أن قدر لبنان الصمود، ذلك الصمود الأسطوري، وقدره النهوض من جديد، لأنه أتقن فن الأمل ولأنه أتقن صناعة التفاؤل، ولأن شعبه اخترع الأبجدية النموذج الأول لكل أبجديات الحضارات.
والمؤكد أن لبنان سينهض من جديد لأنه محاط بمحبيه، وسيجد من يقف معه في اللحظات المصيرية والتجديدية. وأول من سيقف مع لبنان في محنته الراهنة الإمارات وبقية دول الخليج العربي.
منذ الوهلة الأولى، ودون انتظار الدعوة من الحكومة اللبنانية، هبّت الإمارات وانطلقت حملة إغاثية وطنية لدعم لبنان وشعبه الشقيق باسم "الإمارات معك يا لبنان"، وذلك تنفيذاً لتوجهات رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. سارعت الإمارات إلى إرسال المساعدات الإغاثية والإنسانية الضرورية والعاجلة تأكيداً لما لهذا البلد العربي من محبة ومعزة خاصة، وهي معزة ومحبة متبادلة عبّر عنها بكل صدق المفكر اللبناني المعروف منح الصلح رحمه الله الذي قال: إنه "لا يوجد بلد عربي أحبه لبنان كما أحب الإمارات في السنوات الأخيرة".
يحتفل لبنان بعيده الوطني سنة 2024 حزيناً. الحزن على وضع لبنان مشروع، لكن حزنه لن يستمر طويلاً، فشعب لبنان محب للحياة ومبدع للجمال ومولع بالفن، وهو محاط برعاية إماراتية وخليجية وعربية. منذ الآن يستعد لبنان لاحتفال مختلف بعيده الوطني سنة 2025 الذي سيكون عيد الخروج من نفق العدوان الإسرائيلي وعيد بداية النهاية لكابوس حزب إيران في لبنان.