أثار الجيش الأميركي الرعب في نفوس الفيتناميين إبان حربهم في أدغال فيتنام، من خلال مكبرات الصوت الخفية التي أطلقت أصوات أشباح وأرواح تحذرهم من خطر فقدان أرواحهم وضرورة إلقاء أسلحتهم والعودة إلى ديارهم قبل فوات الأوان.
كان ذلك التهديد النفسي المتعمد جزءاً من عملية "الروح التائهة" بهدف تحطيم معنويات الجنود في حرب فيتنام العبثية. وكان التهديد الصوتي فعالاً حيث تُولي الثقافة الفيتنامية اهتماماً لتقديس الأجداد والإيمان بوجود الأرواح والأشباح. فإذا لم يدفن الشخص وفقاً للطقوس التقليدية يُقال إن روحه تجوب بين الأحياء بمشاعر ألم أبدية، بحسب تقرير لمجلة "فورين بوليسي".
يُعرَّف التهديد نفسياً بأنه إشارة أو فعل يُسبب شعوراً بالخوف، والقلق، والتوتر، وغالباً ما يؤدي إلى تحفيز استجابات الدفاع أو الهروب.
ولا يقتصر التهديد على الأذى الجسدي؛ بل منه ما هو اجتماعي ولفظي وضمني (غير مباشر). وفي الحالات الاجتماعية، يشمل التهديد كل ما يُسبب للشخص الشعور بفقدان السيطرة أو التعرض للأذى النفسي أو المعنوي.
ومن التهديد غير المباشر استعراض القوة العسكرية أو الاقتصادية أو البدنية أو العلمية. وقد استخدمت الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية "جيشاً وهمياً" بمعدات قابلة للنفخ واتصالات مزيفة لتضليل الألمان حول حجم قواتها، الأمر الذي أسهم في إنقاذ آلاف الجنود. في العلاقات الشخصية، يُعد تهديد الوالدين بحرمان الأبناء من المصروف أو الأنشطة المفضلة وسيلة شائعة لفرض الانضباط. وفي الحياة المهنية، قد يهدد المدير بتقليص الرواتب أو الترقية لمنع الموظفين من تقديم شكوى أو رفع الإنتاجية.
كما يُعتبر التهديد بالإفصاح عن معلومات سرية بين الشركاء التجاريين مثالًا على التلاعب النفسي للضغط على الطرف الآخر لتحقيق مكاسب إضافية. تعود حيل التهديد إلى بدء الخليقة مدفوعة بالرغبة في السيطرة، أو الخوف من الفقدان، وربما التعويض عن هشاشة داخلية. ليس كل من يزأر أسداً، فبعض الصراخ على قدر الألم.
والتهديد الفعال هو القابل للتنفيذ، والذي يخسر على إثره المتلقي شيئاً ما يهمه، ولا بد أن يكون واضحاً ومباشراً. كما أنه ينبغي أن يكون في التوقيت الصحيح.
التهديد جزء من تكتيكات المواجهة، لكنه يجب أن يؤخذ على محمل الجد قبل فوات الأوان. فحين يُطلق التهديد، يتشكل واقع جديد يقود في كثير من الأحيان إلى نتائج غير متوقعة.