منذ بدء الهجوم الإسرائيلي المباشر على لبنان مع توسّع الاعتداءات إلى أبعد من الحدود الجنوبية، ظهرت حركة لافتة لقائد الجيش العماد جوزيف عون وإليه، حيث شكّل محطة أساسية لكلّ زيارة يقوم بها مسؤول عربي أو دولي للبنان، أو أيّ اتصالات ومشاورات تجري مع لبنان.
دائماً ما سعى عون إلى تحييد نفسه عن ملفّ الاستحقاق الرئاسي منذ أن طُرح اسمه جدّياً للرئاسة، لعلمه أوّلاً بأنّ أيّ تداول بالاسم يهدف في شكل أساسي غلى حرقه في السباق إلى بعبدا، علماً أنّ الرجل لم يقدّم نفسه بأدائه أو مواقفه مرشّحاً، بل التزم دائماً بما يمليه عليه موقعه على رأس المؤسسة العسكرية. وثانياً لإدراكه أنّ أيّ حظوظ لوصوله إلى سدّة الرئاسة تتطلّب توافقاً وطنياً وتقاطعاً دولياً. وثالثاً لحرصه على تحييد الجيش عن السياسة وارتداداتها على المؤسسة. ولكنّ تحييد عون نفسَه، واستطراداً المؤسسة العسكرية التي يقودها، لم يخدمه كفاية لردّ سهام الاستهدافات عنه، والتي بات واضحاً أنّها لا تستهدف شخصه، أو موقعه وإنّما تسعى إلى ضرب عصفورين بحجر واحد، الجيش وأيّ حظوظ محتملة لتولّيه رئاسة الجمهورية.
وقد يكون السؤال مبرّراً لماذا عاد الهجوم ليتجدّد على عون، ذلك أنّ الجواب واضح، إن على المستوى العسكري أو على المستوى السياسي. فلقائد الجيش اليوم دور أساسي ومحوري في أكثر من ملفّ أهمّها حماية الاستقرار الداخلي في شكل عام، وثانيها تطبيق القرار الدولي 1701. ويتطلّب الملفّ الأوّل ضبط الأمن ولا سيّما في ظلّ تحديين أساسيين، أوّلهما الردّ على التهديدات الإسرائيلية باستهداف المرافق العامّة ولا سيّما مطار رفيق الحريري الدولي. وعلم في السياق أنّ تل أبيب أبلغت لبنان عن نيّتها استهداف المطار إن لم يكن في عهدة الجيش، رغم الضمانات الأميركية بعدم المسّ بهذا المرفق. ومن هنا كان الاجتماع أمس مع رئيس الحكومة لدرس الإجراءات الواجب اتّخاذها في هذا الشأن. أمّا التحدّي الثاني فيكمن في مخاطر تفجّر فتنة داخلية على خلفيات طائفية من خلال استغلال أزمة النازحين والأعباء التي ترتّبها على المجتمع الضيف والمضيف.
[email protected]