النهار

النهار

"لم يكن قتل "السيّد" هدفاً في السابق"!
سركيس نعوم
سركيس نعوم 03-10-2024 | 16:55

المصدر: النهار
"لم يكن قتل "السيّد" هدفاً في السابق"!
341746Image1-1180x677_d_165444.jpg
A+   A-
سيبقى "حزب الله"، منذ تأسيسه عام 1982 ثم صعوده بدعم إقليمي متنوّع وصولاً الى مرحلتي تحرير لبنان من احتلال إسرائيل عام 2000 والتفوّق عليها عام 2006، فضلاً عن مرحلة تحوّله قوة عسكرية إقليمية مهمة، سيبقى موضع دراسة جدّية من الباحثين الكبار في العالم ولا سيما الولايات المتحدة. الدافع الى ذلك هو استهداف إسرائيل أخيراً له ولجمهوره ولأمينه العام السيد حسن نصرالله وقادة كبار منه بنجاح. هذا ما عبّر عنه قبل أيام قليلة باحث أميركي جدّي في مركز أبحاث أميركي مهم ومنحاز الى إسرائيل بقوله: "حزب الله" الميليشيا المخيفة بل المرعبة في لبنان التي شكّلت لسنوات التهديد الداهم والاستراتيجي لإسرائيل أصبح الآن ظلاً لما كان عليه، إذ خلال أيام وفي سلسلة مناورات مذهلة استخبارية وعسكرية ضربت إسرائيل بقوة قدرته العسكرية وفكّكت كادراته القيادية. 

وبذلك صار ممكناً القول إن "حزب الله" ما قبل الضربات الأخيرة قبل أسبوعين أو أكثر لم يعد موجوداً. وبما أنه كان العمود الفقري لشبكة الميليشيات الموالية لإيران والمسماة "محور المقاومة" فإن استراتيجيا إيران القائمة على تسليح ونشر مجموعات بالوكالة عنها في المنطقة صارت في خطر. ولم يرَ أحدٌ خارج قيادات الجيش والمخابرات في إسرائيل هذا الأمر قادماً وخصوصاً "حزب الله" الذي آمن بأن ترسانته الكثيفة من الصواريخ والقذائف ردعت وستردع أي هجوم إسرائيلي عليه. في السنة الماضية وقبل "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي هدّد السيد حسن نصرالله بعبارات واثقة جداً بقوله "ستعودون الى العصر الحجري إذا ذهبتم الى الحرب".

كيف أثّر على إسرائيل "طوفان الأقصى" وحربها على غزة و"حرب إسناد" "حماس" فيها التي نفّذها "حزب الله" منذ نحو سنة وربما سيبقى مشاركاً فيها إذا خرج سالماً من حرب إسرائيل عليه التي بدأت قبل نيّفٍ وأسبوعين؟ يجيب الباحث الأميركي الجدّي نفسه: "بدت إسرائيل غير مردوعة إذا جاز التعبير إذ استخدمت في حربها على "حماس"، الهادفة الى تدميرها كما الى استعادة أسراها منها، كل ما تمتلك من أسلحة متطوّرة ومن خبرات ومن مساعدة أميركية متنوّعة لها للقضاء على "حماس" بل لاستئصالها. 

لكن مباشرة "حزب الله" قصف شمالها بالصواريخ وعلى نحو يومي ضغط عليها بشدة. إلا أنه لم يمنعها من الاستمرار في استهداف "حماس" رغم التساؤلات التي أثارها داخل إسرائيل حول كلفة مواجهة "حزب الله" يوم تُقرّر حكومة نتنياهو ذلك. انطلاقاً من هذا الأمر أدرك المجتمع الإسرائيلي أن التساهل مع وضع شمال البلاد لم يعد مقبولاً، وبدأ دعمه لفكرة ضرورة مبادرة جيشه الى القيام بما يلزم من أجل تمكين المواطنين المدنيين من العودة الى منازلهم في شمال البلاد بعدما هجّرتهم منها قذائف "حزب الله" اليومية. 

وقرّرت الحكومة وضع هذا البند على جدول الأعمال التي قرّرت تنفيذها. لكن الهدف لم يكن تدمير "حزب الله" والقضاء عليه أو خفض ترسانته الصاروخية بل مجرد عودة مواطني الشمال الى ديارهم. يعني ذلك أنه لو توقّف "حزب الله" عن قصف إسرائيل بالصواريخ لبقي زعيمه وقائده السيد حسن نصرالله حيّاً ولبقي "حزب الله" منظمة عاملة وفاعلة. لذلك كان سحب إسرائيل السجادة بسرعة من تحت "الحزب" مذهلاً، علماً بأنها لوّحت مراراً باعتزامها مواجهة قوات "حزب الله" لإعادة سكان الشمال إذا أخفقت الولايات المتحدة في مساعدتها لتحقيق هذا الهدف سلماً".

"في أي حال" يتابع الباحث الأميركي نفسه "لقد فوجئ السيد نصرالله بعدما كان قد وضع نفسه في موقفٍ صعب جداً ومستحيل هو ربط وقف صواريخه على إسرائيل بموافقتها على وقف إطلاق النار في غزة. دفع ذلك استناداً الى ما قاله وزير خارجية أميركا أنطوني بلينكن "يحيى السنوار تراجع عن التزامات كان قد وافق عليها لوقف النار في غزة ولبدء تبادل إطلاق الأسرى والسجناء". لكن نتنياهو تشدّد في مواقفه وتابع نصرالله إطلاق التهديدات معتقداً أن ذلك سيمنع إسرائيل من التعرّض له ولحزبه. وقد قال في حزيران الماضي "إن إسرائيل تعرف جيداً أن لا مكان آمناً من صواريخنا ومسيّراتنا". 

منذ ذلك الوقت بدأ قادة إسرائيل الاستعداد للرد عليه عسكرياً بصرف النظر عما يجري في غزة. ذلك أن صبر المسؤولين فيها نفد من عدم تراجعه رغم اقتناعهم بأن ردعه لإسرائيل كان ضعف كثيراً رغم الصواريخ المطلقة، كما رغم معرفتهم باقتناعه بمقدرة جيشه على تجنّب التفوّق العسكري الإسرائيلي، إذ اعتقد أن ما قدمته له إيران جعل تفوّق إسرائيل الجوي يتآكل. وقد عبّر عن ذلك بقوله في آخر ظهور تلفزيوني له على الأرجح "إن تصفية الحساب قادمة"، وهي قدمت فعلاً ولكن ولـ"الحزب". 

طبعاً هذا موقف باحث أميركي ويهودي مهم لكن الحكم النهائي في قضايا كهذه يجب أن لا يكون متسرّعاً. فـ"حزب الله" ومصيره مرتبطان بوثوق بحرب غزة وبإيران حليفته وبنتيجة صراعها أو ربما لاحقاً حربها المباشرة مع إسرائيل.

[email protected]
إعلان

الأكثر قراءة

10/3/2024 7:34:00 PM
مصر بدأت سياسة تنويع مصادر تسليحها منذ عام 2014، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2023 كانت في قائمة أكبر 10 دول مستوردة للسلاح في العالم
9/30/2024 11:12:00 PM
الكاتب في "نيويورك تايمز" الحائز على 3 جوائز "بوليتزر" يبدي يقيناً بنظرية الاختراق البشري للنظام الايراني ولـ"حزب الله"، الأمر الذي سهّل عملية الانقضاض التي حصلت. ويرى أن طهران مرتبكة وتشهد انقساماً بشأن سيناريو الرد المحتمل.