النهار

لبنان ينزف: صرخات الحرب تمزق القلوب
المصدر: النهار
لبنان ينزف: صرخات الحرب تمزق القلوب
الليل في لبنان لم يعد هادئاً، بل أصبح مشهداً يثير الفزع في النفوس
A+   A-
فرانسيسكا موسى 

الليل في لبنان لم يعد هادئاً، بل أصبح مشهداً يثير الفزع في النفوس. أصوات القذائف والانفجارات تمزق السكون، والصمت الذي كان يعانق الشوارع في الأمس القريب، أصبح ملوثاً برائحة البارود وصراخ الأمهات المفجوعات. في زوايا البيوت المدمرة، يجلس الأطفال، عيونهم مملوءة بالخوف، وقلوبهم الصغيرة لا تفهم لماذا توقفت الحياة فجأة. لم يعد هناك ملجأ آمن، والحلم بالسلام الذي كان يراودهم تحول إلى كابوس مظلم، والأنين أصبح لغة يومية تتردد بين جدران المنازل.
تتجلى مآسي الحرب في كل زاوية من هذا الوطن الجريح. السماء المظلمة تعكس وجع شعبٍ لم يتعافَ من جراحه القديمة، وها هي حرب جديدة تُضاف إلى الذاكرة، لتعيد للأذهان ذكريات الألم والصراع. في كل انفجار، يزرع الرعب في القلوب، ويُعيد إلى الذاكرة مشاهد الفقدان والتشريد. كل صاروخ يسقط يمزق قطعة من الأمل الذي كان ينبض به هذا الوطن المنهك، ليُشعل شعلة جديدة من القلق والخوف.
عائلات تُشرد، أطفال يفقدون ذويهم، والمدن تتحول إلى أنقاض، كأنها كانت يوماً أحلاماً جميلة. الأمهات يجلسن في حزن عميق، يتذكرن لحظات السعادة التي كانت تعم البيت قبل أن تتفجر الأحلام وتتحول إلى كوابيس. في كل مرة تُسقط فيها قذيفة، يتعالى صراخ الأبناء، لكن الصوت يتلاشى في زحام الفوضى. 
الألم في عيون اللبنانيين لا يمكن وصفه، فهو أكثر من مجرد دموع تُهدر، إنه شعور عميق بالفقد واليأس. يحدق الناس في المستقبل بخوف، يدركون أن الحرب لا تعرف الرحمة. لا مكان للفرار، ولا ضمان للنجاة، فكل زقاق يحمل قصة جديدة من الحزن. 
تتجلى مظاهر الحياة اليومية في لبنان الآن بشكل مأسوي؛ الأسواق التي كانت تعج بالحركة أصبحت فارغة، والمقاهي التي كانت تحتضن الأصدقاء تحولت إلى أطلال. حتى الطبيعة، التي كانت تُعتبر ملاذاً للراحة، أصبحت تشهد على فصول الحزن المتكررة. الضحكات التي كانت تعلو في الأجواء صارت نادرة، واستبدلت بدموع تسقط على الأرض التي طالما احتضنت الأحلام.
إنها لحظات صعبة تُعيد الناس إلى ذكريات الحرب الأليمة، وتجعلهم يتساءلون: هل سنعود لنعيش تلك الأيام المريرة مرة أخرى؟ بين حطام الحرب وذكريات الماضي، يظل الأمل ضعيفاً، لكن روح اللبنانيين، رغم كل شيء، تتمسك بالحياة، في محاولة لبناء غدٍ أفضل وسط الأنقاض. 
هذا هو لبنان اليوم، وطن يعاني، لكنه لا يزال ينبض بالحياة، ويستمر في الصمود رغم كل الآلام، حيث يظل الأمل في قلب كل لبناني شعلة تُضيء الدرب نحو السلام.


اقرأ في النهار Premium