فرانسيسكا موسى
أرض الأرز التي تحتضن أحلامًا تتجاوز حدود الزمن، وبالرغم من الأعباء الثقيلة التي تثقل كاهلها، تبقى في قلوب أبنائها رمزًا للأمل والتجدد. إنه وطنٌ تتلاطم فيه أمواج العواصف على صخوره، لكنها لا تنجح في كسر عزيمته أو ترويعه. في كل زاوية من زوايا لبنان، تسمع دقات الحياة، وتستشعر نبضات القلوب التي تحتفظ بذكريات جميلة لأيام مضت. تتعانق جباله الشاهقة مع السماء، بينما يحمل البحر أسرار الزمن ويذكرنا بجمال الماضي.
وبالرغم من الأزمات المتتالية التي واجهها لبنان، يبقى كقصّة حب لا تنتهي. هو وطن ينشر الأمل في قلوب أبنائه، ويروي حكايات الشغف والشجاعة. ولعل حلم العودة لا يزال يتربع في قلوب المغتربين، الذين يحملون في صدورهم شغف هذا الوطن وحنينهم إلى أرضهم. لكن الحروب، التي عصفت بهذا الوطن الجميل، تركت آثارها العميقة، التي تمزّق نسيجه الاجتماعي وتفتك بجماله. كل قذيفة تُطلق، وكل انفجار يحدث، يأخذ معه جزءًا من روح لبنان. الدمار يحيط بشوارعه، والفقر يتسلل إلى منازل أبنائه، حتى أصبحت الهجرة حلمًا يراود كل من ضاقت به الأحوال. في خضم هذه الفوضى، لا تكتفي الحروب بقتل الحجر، بل تحرق الأرواح وتطفئ النور الذي كان ينير سماء لبنان، وتترك خلفها ذكريات مؤلمة تُشعرنا بالحنين إلى زمنٍ أكثر هدوءًا واستقرارًا.
اليوم، لبنان ينزف. تائهٌ بين صراعات لا تنتهي، وكأن الأحلام التي كانت تتلألأ بين جباله وسواحله قد ضاعت في ظلام تلك النزاعات. لكنّ الأمل، بالرغم من كل هذه الآلام، يبقى متّقدًا في قلوبنا. فنحن نؤمن بأن لبنان سيعود، كطائر الفينيق الذي ينفض الغبار عن جناحيه. ستحلق لبنانَ نحو مستقبل مشرق، حيث ستعود الابتسامات إلى وجوه أبنائك، وستزدهر القلوب في أحضان وطنهم، الذي لا يزال يحمل في طياته القدرة على النهوض من جديد.
لبنان ليس مجرد وطن؛ إنه شعور، ذاكرة، وحلم لا يموت. نحن ننتظر عودته ليكون أكثر جمالًا وسلامًا، حيث يجتمع الجميع في فرح واحد، ويعانق الوطن كلّ من يتمنى العودة إلى أحضانه الدافئة.