النهار

عملية حيفا: مفاجأة جبهة الشمال لنتنياهو
المصدر: النهار
عملية حيفا: مفاجأة جبهة الشمال لنتنياهو
في الوقت الذي تسابق فيه الإدارة الإسرائيلية الزمن لتحقيق الانتصارات المعنوية على المقاومة من خلال استهداف قياداتها، يغرق سعيها في اللامعنى بسبب تأكّد الصلابة التنظيمية والهيكلية لكل الفصائل على اختلافها.
A+   A-
صبري الرابحي - تونس 
  
في الوقت الذي تسابق فيه الإدارة الإسرائيلية الزمن لتحقيق الانتصارات المعنوية على المقاومة من خلال استهداف قياداتها، يغرق سعيها في اللامعنى بسبب تأكّد الصلابة التنظيمية والهيكلية لكل الفصائل على اختلافها.
 فاستهداف إسماعيل هنيّة لم يوقف حماس تماماً كما لم يفعل اغتيال حسن نصر الله.
 ثم تأتي عملية حيفا لتؤكد أن إمكانيات المقاومة لا تعتدّ بالعقل الذي يخطط بقدر اعتدادها باليد التي تنفذ على نفس وتيرة الشغف بالانتصار.
 عملية حيفا
 تأتي عملية حيفا في وقت بدأ الكيان الصهيوني يتقدّم بإظهار صلابة أنظمته الهجومية للتغطية على فشله الدفاعي منذ فجر عملية طوفان الأقصى.
 هذه الصلابة تبلورت في وتيرة القتل الممنهج وتكثيف الغارات، سواء على غزة أو لبنان، ليؤكد على جاهزيته في جبهتين منفصلتين جغرافياً، لكنهما مترابطتان من حيث أهداف العملية العسكرية.
 ففي الوقت الذي يتحدث الكيان عن نجاحات مزعومة على الأرض، أتت المسيّرات اللبنانية التابعة لحزب الله لتعيد خلط الأوراق في هذه الحرب غير المتكافئة.
 فمعسكر بنيامينا الذي تم استهدافه يعدّ منشأة عسكرية مهمة، تحتوي على مركز تدريب لواء غولاني سيّئ الذكر، والذي لا يمكنه أن ينسى أو يتناسى أنه قدّم من قتلاه أعلى رتبة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، عندما قتل العقيد إسحاق بن باشات، أياماً قليلة بعد اجتياح غزة، ليتجدّد استهداف هذا اللواء هذه المرة بحزم أكثر، ووقع أكبر على قادة الحرب، ليشكل منعرجاً مهماً في التعامل مع جبهة لبنان.
 دموية لواء غولاني
 يعتبر هذا اللواء بالذات أحد أشهر ألوية جيش العدو دمويةً، إذ عرفت عنه مشاركته في كل فصول النزاع منذ سنة 1948، بل إنه شكل لوقت ما مفخرة جيش الكيان من حيث مراكمة التجربة القتالية في معارك محدّدة في مجريات الصراع.
 هذا اللواء شارك في العدوان الثلاثي على مصر، وفي حرب 67، وحرب أكتوبر، كما أُسندت إليه مهمّة محاصرة رام الله خلال الانتفاضة الثانية ليعود إلى الساحة إبان حرب تموز، والتي جعلته يخرج مهزوماً بعد النصر الكبير الذي حققه حزب الله، والذي أجبر وزير الدفاع ورئيس الأركان على الاستقالة.
 ومع انطلاق عملية طوفان الأقصى، عرف هذا اللواء ضربات موجعة في قياداته، واستهدافه في أكثر من مرة، ليتأكد بعملية بنيامينا أنه صار أضعف من أن يعتدّ به أمام الأداء الخرافي للمقاومة.
 ما بعد عملية حيفا
 يمكن اعتبار عملية حيفا رداً سريعاً وناجزاً على استهداف لبنان، كما يمكن اعتبارها التهديد الأكبر لجبهة الشمال، التي أصبحت في مرمى المقاومة من جنوبي لبنان. كذلك، فإن تصريح المقاومة بعد عملية بنيامينا بأنها سوف تمطرها بالقذائف والصواريخ تماما مثل كريات شمونة يجعل الحرب تتوسع من المنطقة الشرقية نحو الغرب باتجاه تل أبيب في مسافة فاصلة لا تتجاوز الـ100 كيلومتر.
 ستصبح رسالة المقاومة مفهومة أكثر من أي وقت مضى بأنه لا سقف لعملياتها الجوية في مجالات جديدة كان الكيان يعتبرها محصنة وآمنة، ولا يمكن استهدافها، ليتأكد لديه بأن كل شيء ممكن.
 ومن جديد يصبح للردّ الإسرائيلي معنى وحيد هو شنّ حروب الإبادة على جبهات متعددة، من دون بوصلة سياسية رادعة، تمكنه من كبح جماحه، وتذكيره بأنه لا يمكنه الانتصار فوق جثث المدنيين، وأنه لا يمكنه أن يحسم العملية العسكرية بنفس الذهنية التي تدّعي التفوق العسكري وتفرض سياسة الأمر الواقع أمام تنويع المقاومات لأساليبها وأهدافها وجاهزيتها لإحداث المفاجآت في كل مرة.
 
 

O

اقرأ في النهار Premium