إنّ التعريف التقليدي القديم لعبارة "بيومتري" هو قياس الحياة، أي حسبان الديمومة المحتملة للحياة البشرية كما تعني في علم الحياة (بيولوجيا) الإحصائي، أي علم الإحصاء المطبّق على المشاهدات البيولوجيّة.
سعد نسيب عطاالله
إنّ التعريف التقليدي القديم لعبارة "بيومتري" هو قياس الحياة، أي حسبان الديمومة المحتملة للحياة البشرية كما تعني في علم الحياة (بيولوجيا) الإحصائي، أي علم الإحصاء المطبّق على المشاهدات البيولوجيّة.
أمّا التعريف العلمي المعاصر لعبارة أمن المطارات الـ "بيومتري"، فيعود إلى التقنيات والأساليب المستعملة لحماية المسافرين، والعاملين، والطائرات التي تستعمل المطارات، من الحوادث، والجرائم، والتهديدات الناجمة عن العنصر البشري.
تعبر مطارات العالم يوميًا أعداد هائلة من البشر، يشكل بعضهم تهديدات إرهابية وأشكالاً أخرى من الجرائم، لكونها تتجمّع بأعداد كبيرة في مكان واحد، في الوقت الذي أصبحت فيه الأعداد الكبيرة، التي تقلّها الطائرات الحديثة الضخمة، مع إمكانيات خطفها أو تفجيرها، سلاحا فتّاكاً يلجأ إليه الإرهابيّون.
نتج عن ذلك وجوب توفير الأمن والأمان في المطارات، وعلى الطائرات، ومراقبة المسافرين والقادمين، لحماية النقل الجوي، ولصون الأمن الداخلي للدول.
تربط الدول في ما بينها معاهدات واتفاقيات، تتعلق بالطيران المدني وسلامة المسافرين وأمنها الداخلي، تفرض عليها الالتزام الصارم بالشروط المنصوص عليها في تلك العقود.
ليس مستغرباً أن تبادر المديرية العام للأمن العام إلى إصدار جوازات سفر "بيومترية" أي مشفّرة بيولوجيّاً، تتضمّن المواصفات البيولوجيّة الخاصة والمميّزة لكل طالب جواز سفر لبناني، لتسهيل دخوله إلى مطارات الدول، وللتأكيد على سلامتها وحماية أساطيلها الجويّة ومجتمعاتها الداخلية من أيّة تهديدات إرهابيّة محتملة.
لا يمكن حصول جدال عقيم حول هذا التدبير الاحترازي المعاصر، الذي اتخذته مديرية الأمن العام العتيدة مشكورة، وحول الالتزام بالمعايير الدوليّة الضروريّة لتسهيل سفر وانتقال اللبنانيّين من وإلى لبنان والدول الأخرى المتقدّمة.
يؤدي هذا الإجراء الـ "بيومتري" إلى قدرة الحاسوب المراقب في مطار بيروت الدولي على كشف وتبيان المواصفات والمميزات البيولوجيّة الخاصة بكل قادم أو مغادر يحمل جواز سفر "بيومترياً"، فضلاً عن البلد المسافر إليه، أو القادم منه؛ وتظهر في الوقت ذاته، وفورًا، على حواسيب مكتب التحقيقات الفدرالي في أميركا (إف بي آي)، ووكالة مباحث الأمن الكندية، واسكوتلنديارد، والإنتربول، وسوى ذلك من حواسيب الأمن الدوليّة! ولا ريب في ذلك.
السؤال الذي يمكن طرحه في هذا السياق هو: لماذا تطلب المديرية العامة إلى طالب جواز السفر الـ "بيومتري" أن تتضمّن المستندات المطلوبة منه بطاقة الهوية ووثيقة إخراج قيد إفرادي؟ هل ستصبح الهوية "بيومتريّة" أيضاً!
الأمر الغريب والخطير جدّاً، الذي يتطلّب جدالات طويلة، وتساؤلات عديدة، هي محاولة دوائر تسجيل السيارات في لبنان إلزام كل مالك أو سائق سيّارة أن يحوز على إجازة سوق "بيومترية"، وأن يقود سيارة لوحتها "بيومتريّة".
وعليه، سوف تشمل الظاهرة الـ "بيومترية" كل تحركات ومكان وجود اللبناني بوساطة الأقمار الاصطناعيّة.
وما أدراك ما ستقوم به هذه الأقمار "السوداء" في المستقبل القريب!
أودّ الإشارة إلى أنّه بعد قيام الطائرات من دون طيّار التقليديّة بقتل أبرياء عديدين، نتيجة ملاحقة واستهداف "الإرهابيّين" وقصف أماكن تواجدهم، في اليمن، وأفعانستان، والعراق، وسوريا، وليبيا، والصومال، عملت أميركا وإسرائيل على صنع طائرات من دون طيّار، تعمل على استهداف وقصف "الإرهابيّين" في جميع دول العالم، مستعملة أنظمة تحكّم ورصد "بيومتريّة"!
هل سينتقل لبنان من مرحلة منع صيد الطيور البريّة إلى زمن سماح صيد البشر في القريب العاجل!
من هم "الإرهابيّون" حسب المفاهيم الصهيونيّة والأميركيّة؟
لو أردنا الاستغناء عن الهواتف الذكيّة، فكيف يمكننا الاستغناء عن الهوية، ولوحة السيارة، ورخصة السوق؟
رضينا أم لم نرضى، لا يمكن للكثيرين الاستغناء عن جواز السفر الـ "بيومتري"!
هل علينا بيع سياراتنا، وحرق رخص السوق، والهويات، واستقلال النقل العام من دون هوية، والتعرّض للسجن عند التحقّق من هويّتنا!
ألا تكفينا مصائب الفقر والعوز والبطالة والمرض والبؤس!
ماذا يفيدنا توفّر الكهرباء 24/24, ووصول المياه إلى حنفيات منازلنا، عندما تجوب طائرات من دون طيّار باحثة عن مواصفاتنا ومميّزاتنا البيولوجيّة؟
هل سنعود إلى منازلنا سالمين؟
هل سننعم بكأس عرق ومازة طيّبة أم سنصبح طرائد لمازات الغدر الصهيوني والأميركي؟