النهار

عجز إسرائيل الاستخباري
ردا على أكثر من سبعة عقود من الاحتلال والقمع الذي يمارسه النظام الصهيوني ضد الفلسطينيين، أطلقت قوات المقاومة الفلسطينية عملية مفاجئة أسمتها "عاصفة الأقصى"
A+   A-

سجاد عابدي

ردا على أكثر من سبعة عقود من الاحتلال والقمع الذي يمارسه النظام الصهيوني ضد الفلسطينيين، أطلقت قوات المقاومة الفلسطينية عملية مفاجئة أسمتها "عاصفة الأقصى" من غزة (جنوب فلسطين) ضد مواقع نظام القدس المحتل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ١٥/٠٨/٢٠٢٣ ومن أجل الانتقام وتعويض هزيمته وإيقاف عمليات المقاومة قام هذا النظام بإغلاق جميع معابر قطاع غزة ولا يزال يقصف هذه المنطقة ويرتكب مجازر ضد النساء والأطفال وغيرهم من المدنيين.
تعتبر عملية اقتحام الأقصى فشلاً استخباراتياً كبيراً للكيان الصهيوني ليس فقط بسبب جوانبها العسكرية بل أيضاً بسبب جوانبها الأمنية.
بسبب بدء عملية عاصفة الأقصى يوم السبت ٧ أكتوبر/تشرين الأول يعتبر العديد من المحللين العسكريين بحق أن الفشل في اعتراض الهجوم ومنعه هو "فشل استخباراتي إسرائيلي" لقد تفاجأ الكثير منهم بهذا الهجوم خاصة بالنظر إلى النظام العملياتي الرائع والأسطوري لجهاز الأمن والمخابرات الإسرائيلي الذي نال شهرة عالمية.
في هذه الحملة يمكن تحليل أن جمهورية إيران الإسلامية هي الفائزة في الحرب السيبرانية ضد إسرائيل وأميركا لا يمكن ببساطة تحليل أن اقتحام الأقصى كان مجرد "فشل استخباراتي إسرائيلي" لكن يمكن القول إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال مركز دراسات الأمن السيبراني التي تتعاون بشكل وثيق مع روسيا منذ وقت ما في إطار تعزيز احتمالات الحرب السيبرانية تم التخطيط لهجوم حماس على إسرائيل وقد كان ذلك فعالاً وناجحاً.
يمكن تعريف الحرب السيبرانية بأنها "استخدام الهجمات الرقمية لمهاجمة دولة تتسبب بأضرار مماثلة للحرب الحقيقية أو تعطيل أنظمة الكمبيوتر في الهياكل الحيوية مثل محطات الطاقة النووية ومصافي النفط والغاز والبنوك وأنظمة النقل وما إلى ذلك". وهناك وجهة نظر أخرى تقول إن مصطلح "الحرب السيبرانية" خطأ لأنه لا يمكن وصف أي عمل سيبراني بأنه "حرب"، ولكن في عالم اليوم ومع التقدم التكنولوجي يمكن أن تسبب "الحرب السيبرانية" أضراراً مادية للأشخاص والمرافق الحساسة في العالم الحقيقي تماماً مثل الحرب الحقيقية يقال إن الدول بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والهند وباكستان والصين وإسرائيل وإيران وكوريا الشمالية لديها قدرات حربية إلكترونية نشطة للقتال الهجومي والدفاعي ومن الأمثلة على الحرب السيبرانية الهجوم الذي وقع يوم السبت ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ والذي تمكن من تحييد نظام الاستخبارات والحماية الإسرائيلي قبل الهجوم.
ومع ذلك فإن بيتر هوكسترا الدبلوماسي والممثل السابق للكونغرس الأميركي في مقال نشره على موقع "جيتستون" الإلكتروني لا يعتبر التهديد بالفشل الاستخباراتي أو فشل القادة السياسيين فئة ناشئة يقول هذا التقرير الذي يتناول فشل الاستخبارات وإعادة التنظيم في الولايات المتحدة بعد الهجمات الإرهابية في ١١ سبتمبر ٢٠٠١ ضد الولايات المتحدة إنه من المسؤولين المنتخبين وخبراء الأمن القومي إلى المواطنين العاديين لديهم سؤال واحد وهو كيف يمكن أن يحدث شيء كهذا لأمة لديها بنية عسكرية واستخباراتية ضخمة ومكلفة؟ والآن لدى الشعب الإسرائيلي نفس السؤال بشأن حكومة نتنياهو اليمينية.
وقد حقق معهد بروكينغز على الرغم من تحذيرات مجتمع الاستخبارات الأميركية في أن إدارة بايدن فشلت في التخطيط بشكل صحيح لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان من أجل منع انسحاب أميركي كارثي من أفغانستان ومن بين الإخفاقات الاستخباراتية الأخيرة الهجوم الروسي على أوكرانيا. لقد حذر مجتمع الاستخبارات الأميركي بشكل صحيح وعلني من الهجوم الروسي الوشيك على أوكرانيا، لكن جهاز المخابرات الروسي لم يتمكن من التنبؤ بعناد المقاتلين الأوكرانيين في الدفاع عن وطنهم، واعتقدوا أن كييف سوف تستسلم في غضون ٧٢ ساعة وتوقع الجنرال ماكميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي في ذلك الوقت، نفس الشيء بل وحذر المشرعين الأميركيين من أن الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا قد يؤدي إلى سقوط كييف في غضون ٧٢ ساعة لكننا رأينا أن الأمر لم يحدث على هذا النحو.
ووفقا للحالات المذكورة يبقى السؤال مطروحاً، لماذا لم يتمكن جهاز الأمن والاستخبارات الإسرائيلي من التنبؤ بالهجوم المفاجئ في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣؟ في حين أن التجربة الماضية كان يجب أن تجبرهم على التنبؤ اللازم على سبيل المثال لم تكن تجربة إسرائيل الاستخباراتية الناجحة في هجوم مصر على إسرائيل (يوم الغفران) عام ١٩٧٣ كافية؟
فهل يمكن اعتبار هذا الفشل سبباً في ضعف السياسة الداخلية الإسرائيلية والسياسة الخارجية لحكومة السيد بايدن في الشرق الأوسط؟ في هذه الأثناء كان مستشار الأمن القومي لحكومة بايدن جيك سوليفان يتحدث عن النجاحات التي تحققت في الشرق الأوسط قبل أكثر من أسبوع من هجوم حماس على إسرائيل، وكان استنتاج سوليفان في ذلك الوقت هو أن "منطقة الشرق الأوسط أصبحت اليوم أكثر هدوءاً مما كانت عليه في العقدين الماضيين".
وبالنظر إلى أن إسرائيل تزعم باستمرار أنها رصدت وحيّدت تهديدات ميليشيات غزة والضفة الغربية وإيران وسوريا وحزب الله اللبناني فكيف يمكن تبرير اقتحام الأقصى؟ هل يمكن اعتباره نتيجة إهمال المسؤولين في أنظمة الاستخبارات والأمن الإسرائيلية أو أن التقدم الذي أحرزه مركز دراسات الأمن السيبراني التابع لجمهورية إيران الإسلامية كان السبب في نجاح هذا الهجوم الذي تمكن من تعطيله؟ جمع المعلومات الاستخبارية وأنظمة الاستماع لإسرائيل والولايات المتحدة لفترة من الوقت، وإلا فكيف كان من الممكن له أن يعطل مئات الكاميرات الأمنية الحدودية ويصل من ٢٥ نقطة حدودية بجرافة وهي ليست بالسرعة الكافية للوصول إلى الجدار الحدودي بين إسرائيل وغزة وتدمير الجدار الخرساني ونظام المخابرات الإسرائيلي؟ 
إن الدعم الغربي للنظام الصهيوني بحجة الدفاع عن النفس هو عملياً ضوء أخضر وترخيص لتل أبيب لمواصلة القتل الوحشي للأطفال والنساء الفلسطينيين، كما أن هشاشة النظام الصهيوني في مواجهة موجة الهجمات السيبرانية وصلت إلى درجة أنه حتى أكثر مواقعه حساسية بما في ذلك مواقع المخابرات الصهيونية والعمليات الخاصة المعروفة باسم الموساد وكذلك الكنيست والبرلمان.
على الرغم من الهجمات واسعة النطاق ضد النظام الصهيوني في مجال الفضاء الإلكتروني، إلا أن هذا النظام يخفي دائمًا الكثير من المعلومات حول طبيعة هذه الهجمات ويحاول في الوقت نفسه تقديم نفسه على أنه يمتلك قدرة دفاعية عبر الإنترنت من أجل منع هجمات مماثلة ضده ومن ناحية أخرى تظهر صورتها كنظام قوي في المنطقة.
إلا أن حجم الهجمات الأخيرة وتأثيرها على الدوائر الداخلية للنظام الصهيوني يظهر مدى القلق والقلق الشديد الذي يواجهه مسؤولو النظام الصهيوني في ظل عجزهم وحجم هذه الهجمات وانتهاكاتها، وبالتالي فإن المخاوف تتزايد كل يوم.

اقرأ في النهار Premium