النهار

الرسالة الثانية
بحرٌ لا يُدركهُ سِوى من له نبض صمت يزحف من العدم أيتها الغائبة الحاضرة كالصدى المتوهج، من يتجلى فيك كحقيقةٍ أزلية؟
A+   A-
العربي الحميدي - المغرب

بحرٌ لا يُدركهُ سِوى من له نبض
صمت يزحف من العدم
أيتها الغائبة الحاضرة كالصدى المتوهج، 
من يتجلى فيك كحقيقةٍ أزلية؟
[الروح أم الجسد]
كظلٍّ يسري خلف خفقات الكون.
لا يشترط الوصل لنكون، أو لا نكون
الحبّ سفرٌ لا يحتاج إلى وجهة،
والشوق نداء يتجاوز مسافة الحدود.
أراك نجمة ضاعت في اتساع الملكوت،
ومع ذلك، تنير دربي،
كنورٍ خفيٍّ يهمس بمعنى الوجود.
نتقاسم الصمت كقربان،
ونعبر معًا أفق اللاشيء،
حيث الأرواح تحلق عالياً،
كأنها سرابٌ يرقص على نبض اللامكان.
نُلقي رغباتنا في محيط القدر،
ونُذيب الزمن في انتظارٍ لا يملّ،
أعرف 
ما الحب عندك سوى لحظة خالدة،
تتوهج في فراغ الأبد،
لتشهد أنّنا لسنا جسدين،
بل فكرة عالقة بين الوجود والعدم.
[قلبُ الحوتِ]
أمواجٌ خفيّةٌ من نبضٍ 
في عُمقِ الصمتِ،
طقسٌ قديمٌ يُؤدّى في محاريبِ الوجود.
قلب
يحملُ تاريخَ البحارِ؛
كلُّ نبضةٍ فيه وَثبةٌ في الزمن،
وكلُّ خفقةٍ وَحيٌ
يُرسلُها الصمتُ عبر الماء،
تجتازُ به جدرانَ الكونِ إلى الأعماق.
قلبُ الحوت،
لا يعرفُ سرعةَ البشر
ولا ينجرُّ خلفَ إيقاعِ الزوال،
ففي كلّ دَفْقَةٍ، يسيرُ بعمقٍ
كأنه يتحدثُ إلى الكونِ بلا صوت،
كأنه يُصغي
لنبضاتِ العدم.
ولأنهُ عارفٌ،
لا يخشى الوقت،
يتركُ كلّ خفقةٍ تَحيا ببطءٍ
يا قلبَ الحوتِ،
ماذا تُسرُّ إلى الكونِ في خفقِكَ الصامت؟
أيّ أسرارٍ تَحملُها الدماء
حينما تَدورُ بهدوءٍ في مجرّات الوقت؟
فيك معنى القوةِ،
فيك حكمةُ الأبد،
أنتَ بحرٌ آخر
لا يُدركهُ سِوى من له نبض. 
 

اقرأ في النهار Premium