فريدة يونان
المنسقة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء في لبنان
رحيل أيقونة الطب، الطبيب الرسولي، الطبيب-الإنسان، الطبيب المعاصر لأربعة أجيال، المعلّم، الرائد في مجاله الطبي، الأب الروحي لقضية إنسانية بامتياز - وهب الأعضاء...
كلّها تُختصر باسمِك دكتور إسطفان.
مشيتُ الدرب الريادية معك، لأكثر من أربعة عقود (43 سنة).
رحيلك جعلني أعجز من أن أعبّر بكلمات وعبارات عن تواضعك، وصمتك الأقوى من الكلمة، ومحبتك اللامتناهية، وعطاءاتك في سبيل الغير، وعن قوتك بالمثابرة والنضال لتحقيق أهدافك الخيّرة، وعن إيمانك بأن لا شيئ مستحيل إذا ما وُجدت الإرادة، وعن وفائك لوطنك رغم كل المطبات والعوائق التي جعلت حلمنا يسير الجلجلة ويتحقّق لكن لا يصل إلى خواتيمه، حلم كل مريض بحاجة لزرع أعضاء تمكّنه من العيش بصحة وكرامة.
رحل الطبيب المؤسِّس، تاركا لنا إرثاً كبيراً، قدوة لأجيال.
إن المواقف التي جمعتني بك من خلال عملنا معاً، والتلاقي على قيم ومفاهيم عميقة عبر تجربة طويلة في معترك الحياة بما فيها سنوات الحرب والأحداث الاستثنائية في بلدنا كما في المنطقة، هي من العناصر التي قوّت أواصر المعرفة والصداقة بيننا، والتمثّل بآرائك الصائبة بجرأة وتعاملك بصراحة متناهية إلى عذوبة الحديث ورحابة الصدر، وعزّة النفس وعلوّ الأخلاق، كما التوفيق في الاتحاد بين الزميلات والزملاء كونك تؤمن بعمل الجماعة لا الفرد.
رحيلك جاء مبكراً، ونحن في أشدّ الحاجة إليك. إنها خسارة كبيرة لنا، لوطننا ومجتمعنا وللمنطقة، وفق ما قاله أصدقاؤك من سائر أنحاء العالم، من الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وأميركا.
إن عائلتك الصغيرة والكبيرة والمرضى والأطباء والوطن سيذكرونك على الدوام، مثالاً للكرامة، مثالاً للعلم والإبداع، ومثالاً للحكمة والإنسانية.
لن أنساك، ولن ننساك، وسنكمل ما بدأته، وكلّي أمل أنك ستبقى حاضرًا وملهمًا لنا.
وداعاً، بل أقول إلى اللقاء، يا معلمي وأخي، ستبقى ذكراك حيّة عندي ما حييت، ومؤبدة أبد الدهر.