ريمون مرهج
قال لنا رسل الأديان السماوية في كتبهم المقدسة حينما تشتعل الحروب وتشتد الأزمات، حينما تقع الزلازل بكثرة وتشتد الأعاصير والفيضانات، حينما نفقد الإنسانية ويصبح البشر مجرد كائنات ويغدو العالم غابات من نار، حينما نفقد الرحمة ويختل توازن فكر الحكام وينجح الشر في صنع المجازر وإبادة شعوب معظمهم من أطفال ونساء، حينما تصبح العدالة وهم والأخلاق مجرد قصة خرافية بين الناس عندها تدق ساعة نهاية البشرية والأرض.
نحن اليوم نحيا بداية نهاية الأزمنة، فالأطفال تقطع أشلاء أجسادها والعائلة تُقتل وتُباد في لمحة بصر كل يوم ودمار الحروب هائل فظيع، قرى ومدن تُمسح من الوجود ومعارك وحشية تسحق البشر فيصبح مكان الصراع أرضاً محروقة، صحراء سوداء. يموت كل يوم المئات من البشر ويُشرد الآلاف منهم والجوع والبرد يغتال الجميع. كما نشهد الكثير من الزلازل التي تحدث في أيامنا هذه والفيضانات الخطيرة الكبيرة التي تغير الجغرافيا وتمحو المدن بسبب إهمال الإنسان للبيئة وللمناخ وجشعه لجني المال ولو تلوث الفضاء بأكمله. والأخطر من كل ما يجري هو اعتياد العالم على تلك الأحداث المؤلمة التي تجعل الأرض جهنم وينقرض الخير ولمسات الخالق عن الدنيا. لقد أضحى الناس فاقدي المشاعر والإحساس، كالرجال الآليين لا يهمهم أي أمر ولا يعنيهم الموت والذبح لأخوتهم في الإنسانية. والتكنولوجيا المدمرة للقلوب وللنفوس نجحت في جعل العالم مجرد مزرعة من المخلوقات خالية من القيم، فتاكة في إعدام الروح. السلاح المتطور جعل الإنسان مجرد فأر يهرول من الحروب ولا يستطيع الهروب فهي كظله تلاحقه أينما وُجد. لقد اغتالت الإيمان والبراءة ودمرت الأحلام والطموح وسحقت الجمال والفن والإبداع البشري.
نحن نحيا في زمن لا قيمة للإنسان فيه ولا اعتبار للحياة بل لكل ما هو مادي فقط وهذا ما يبشر بالسوء، باضمحلال الحياة عن الأرض شيئاً فشيئاً ونهاية العالم.