النهار

الشيبُ الزاحفُ
ببطءٍ فوق رؤوسنا، خطا الزمن، يهزّ جذورَ الجراح في أرضِ العمر، حكمةٌ تأتي على حين غفلة، لا نُدركها في لحظة، لكننا نشعرُ بها، تتسلّلُ بين طيات الأيام.
A+   A-

العربي الحميدي - المغرب

 

ببطءٍ فوق رؤوسنا،
خطا الزمن،
يهزّ جذورَ الجراح في أرضِ العمر،
حكمةٌ تأتي على حين غفلة،
لا نُدركها في لحظة،
لكننا نشعرُ بها، تتسلّلُ بين طيات الأيام.
ألا ترى،
كيفَ تعرّينا السنون من زيفِ الأحلام؟
وكيفَ يبدّلنا الوقتُ كالحجارةِ تنحتها الرياح؟
نبقى نحن، وإن تغيّرَ شكلُنا.
نُدركُ حينها أنَّ الشيبَ ليس النهاية،
بل بدايةٌ للتصالح مع كينونتِنا.
أنت، وأنا، وجوهنا في المرايا،
خريطةٌ من تجاعيد الحكايات،
تُخبر عن الليالي التي لم ننم فيها،
وعن القلوب التي أحببنا، ومزّقنا،
وعن الخيبات التي أثقلت أكتافنا.
كل شعرةٍ بيضاء تنبتُ،
لحظةُ صدقٍ وسط وهمِ الحياة،
تسألنا:
هل عشتَ بما يكفي لتكون؟
الشيبُ،
إعلانُ الحكمة،
لا شيء يدوم،
مجردُ ضيوفٍ،
على هذه الأرض التي سترحل بنا يومًا،
ألوان الشَعرِ،
حروفُ الأسماء،
تتلاشى خلف أفقٍ بعيد،
مغارة مهجورة،
ويبقى الأثر،
ويبقى السؤال.


اقرأ في النهار Premium