منويلا عبد المسيح شابو
في ظل تصاعد التوترات واستمرار الهجمات وسط مفاوضات متعثرة تقودها الولايات المتحدة عبر مبعوثها عاموس هوكستين للتوصل إلى وقف إطلاق النار، تبقى معاناة النازحين في تزايد مستمر. وبينما تنخفض درجات الحرارة تدريجياً، يواجه هؤلاء واقعاً قاسياً تتفاقم فيه تحديات البقاء على قيد الحياة، حيث تصبح التدفئة حاجةً أساسية وليست مجرد رفاهية.
مراكز الإيواء، التي من المفترض أن تكون ملاذاً آمناً لهم، تفتقر إلى أبسط مقوّمات مواجهة الشتاء. فمعظم هذه المراكز، التي غالباً ما تكون أبنية مدرسية مجهزة لاستيعاب الطلاب نهاراً، لا توفر الاحتياجات الأساسية كالملابس الشتوية، البطانيات، السجاد، أو وسائل التدفئة اللازمة. وإن توفرت وسائل التدفئة، فإن غياب مادتي المازوت والحطب يشكّل عائقاً كبيراً لتشغيلها، مما يجعل من مقاومة البرد معركة يومية شاقة.
الأطفال هم الحلقة الأضعف في هذه الأزمة، حيث تعجز أجسادهم الصغيرة عن تحمل درجات الحرارة المنخفضة وظروف العيش القاسية. ومع غياب وسائل التدفئة الملائمة، يصبحون عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، مثل الربو والتهاب الرئة، التي تهدد حياتهم في ظل غياب الرعاية الصحية الكافية.
الأمر لا يتوقف هنا، فبعض النازحين يلجؤون إلى إشعال النار بمواد غير آمنة في محاولة يائسة للحصول على بعض الدفء، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى اندلاع حرائق تزيد من معاناتهم.
حتى في المناطق الساحلية، حيث يُعتقد أن درجات الحرارة أقل قسوة، تتخذ المأساة شكلاً مختلفاً. الشوارع تغرق بفعل الأمطار الغزيرة، والمياه تجتاح مراكز الإيواء، ما يزيد من صعوبة الحياة اليومية ويضع النازحين أمام تحديات جديدة.
مع استمرار الحرب واستعصاء الحلول، يبقى مصير النازحين مجهولاً. وإذا ما انتهت الحرب ونجحت المفاوضات، يبرز تساؤل محوري: أين سيجد هؤلاء النازحون مأوىً يحميهم من قسوة الحياة، بعد أن سوّيت منازلهم بالأرض؟ كيف يمكن ضمان عودتهم إلى حياة كريمة في ظل الدمار الشامل؟