الدكتورة بولين ديب
تتلقّى الدولة اللبنانية الكثير من الهِبات من جهات داخلية أو خارجية، من شركات أو من أفراد لبنانيين، أو من دول أو مؤسسات أو هيئات دولية، تسعى من خلال تلك الهبات إلى المساهمة في نفقات أحد المرافق العامة وتطويره وتحقيق الغاية المتوخاة منه، أو بهدف تنفيذ مشاريع أو برامج معينة.
ونرى أن من المفيد التطرّق إلى الأصول القانونية والمعايير المعتمدة لقبول الهبات، وإلى ما هو مُطبّق على أرض الواقع، لا سيما في ضوء تقرير ديوان المحاسبة الرقم 2/2023 بعد التدقيق في حسابات الدولة اللبنانية عن الأعوام 1993 وما يليها، والذي خلص فيه إلى وجود مبالغ طائلة عائدة لهبات مقدّمة لإدارات عدة خلال هذه السنوات، شابها الكثير من الملاحظات، إن لجهة إعطائها أو قيدها أو صرفها أو غير ذلك. لذا، سنعمد في هذه الدراسة إلى الوقوف على الآلية القانونية لقبول الهبات، ثم سنتطرق إلى أبرز ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة المشار إليه في هذا الإطار، وأبرز التوصيات الصادرة عنه.
نصّت المادة 52 من قانون المحاسبة العمومية (المرسوم رقم 14969 تاريخ 30/12/1963) على أن "تُـقبل بمرسوم يُتخّذ في مجلس الوزراء الأموال التي يقدّمها للدولة الأشخاص المعنويون والحقيقيون، وتُقيّد في قسم الواردات في الموازنة. وإذا كانت لهذه الأموال وجهة إنفاق معينة، فُتحت لها بالطريقة نفسها اعتمادات بقيمتها في قسم النفقات".
إن كلمة الأموال الواردة في المادة 52 المشار إليها أعلاه، أثارت التباساً وجدلاً حول تحديد مفهومها، وإذا كانت تشمل الهبات النقدية والهبات العينية معاً. هذا وقد عرّف قانون المحاسبة العمومية في المادة الثانية منه، الأموال العمومية، بأنها "أموال الدولة والبلديات والمؤسسات العامة التابعة للدولة أو البلديات، وأموال سائر الأشخاص المعنويين ذوي الصفة العمومية".
إن لكلمة الأموال الواردة في متن المادة 52 من قانون المحاسبة العمومية مفهوماً شاملاً، يشمل جميع العناصر التي تتألف منها الثروة، وتكون موضوعاً للحقوق. وبما أن الهبات العينية تكون في ضوء ذلك ضمن مفهوم الأموال، فيقتضي بغية قبولها استصدار مرسوم وعدم الإكتفاء بقرار من مجلس الوزراء.
وقد رأت هيئة التشريع والاستشارات بموجب الإستشارة الرقم 1346/1987 تاريخ 11/11/1987 أن صلاحية قبول الهبات باسم الدولة اللبنانية أياً تكن طبيعة هذه الأموال، نقدية كانت أو عينية، وسواء كانت الأموال ثابتة أو منقولة، أو كانت تتعلق بحق من الحقوق، تنحصر بمجلس الوزراء الذي يقرر بمرسوم قبول الهبات وفق السياسة العامة التي يرسمها للدولة. واعتبرت أن ذلك يشمل الأموال العينية أو النقدية. وأوردت أن المال، وجمعُه الأموال، هو ما ملكته من جميع الأشياء بحسب قاموس اللغة العربية، وأن الأموال، بالمعنى القانوني التقني، هي جميع الأشياء التي يصح امتلاكها وجميع الحقوق التي يمكن أن تدخل في الذمّة المالية كالأصول الثابتة أو النقود أو سوى ذلك. وأكّدت أن المشرّع لم يقصر أحكام المادة 52 من قانون المحاسبة العمومية على الأموال النقدية دون سواها، فيكون بذلك قد أناط بمجلس الوزراء وحصر به صلاحية قبول الأموال الموهوبة على اختلافها، كما أناط به وبالطريقة نفسها، أي بمرسوم، صلاحية فتح اعتمادات بقيمتها في قسم النفقات، إذا كان للأموال الموهوبة للدولة وجهة إنفاق معينة. هذا ما أكدّه ديوان المحاسبة في الرأي الاستشاري الرقم 26/99 تاريخ 12/5/1999 وفي الرأي الاستشاري الرقم 42 تاريخ 9/9/1999 وفي الرأي الإستشاري الرقم 63/2005 تاريخ 20/ 5 /2005.
ثم عُدّلت المادة 52 من قانون المحاسبة العمومية المذكورة أعلاه بموجب المادة 85 من قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2019 (القانون الرقم 144 تاريخ 31/7/2019) لتصبح صلاحية قبول الهبات على الشكل التالي:
تُقبل بمرسوم يصدر بناءً على اقتراح الوزير المختص ووزير المالية، الهبات النقدية والعينية التي يقدمها للدولة الأشخاص المعنويون والحقيقيون إذا كانت قيمتها لا تتجاوز 250.000.000 ليرة لبنانية.
تُقبل بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء الهبات النقدية و/أو العينية التي يقدمها للدولة الأشخاص المعنويون والحقيقيون إذا كانت قيمتها تتجاوز /250.000.000/ ليرة لبنانية.
قيد الهبات النقدية الواردة للخزينة اللبنانية في قسم الواردات من الموازنة. وإذا كانت لهذه الهبات وجهة إنفاق معينة فُتحت لها، وفقاً للأصول، اعتمادات بقيمتها في قسم النفقات.
تعدّ وزارة المالية جدولاً فصلياً بالهبات المنوّه عنها في البندين "1" و"2" والواردة إلى الخزينة اللبنانية وترفعه إلى مجلس الوزراء للإطلاع.
فبعد صدور قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2019 وبموجب المادة 85 منه، انحصر دور مجلس الوزراء بالإطلاع فقط بالنسبة للهبات الواردة إلى الخزينة اللبنانية إذا كانت قيمتها لا تتجاوز /250.000.000/ليرة لبنانية، وبات قبولها يتمّ من خلال صدور مرسوم عادي بناءً على اقتراح الوزير المختص ووزير المالية. أما الهبات التي تفوق قيمتها /250.000.000/ مليون ل.ل فيتمّ قبولها بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء.
وبالتالي، يتبين أن النص الجديد قد حسم أي التباس أو جدل حول تفسير معنى كلمة الأموال، حيث ذكر صراحة الهبات العينية وساوى بينها وبين الهبات النقدية.
كما لا بدّ من الإشارة إلى أنه صدر بعد ذلك قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2020 (القانون الرقم 6 تاريخ 05/03/2020)، والذي نصّت المادة السابعة منه على أن تُقبل وفق أحكام المادة 52 من قانون المحاسبة العمومية وتعديلاتها، أو المادة 52 من الدستور، الهبات والقروض الخارجية المقدمة إلى كل من الإدارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة على أنواعها، وإلى المجالس والهيئات والصناديق على اختلاف تسمياتها، وإلى البلديات واتحادات البلديات وسائر المؤسسات والهيئات التي تتولّى إدارة مرافق عامة. ويخضع الإنفاق من الهبات النقدية ومن القروض، سواء كان ذلك من الجزء المحلي أو من الجزء الأجنبي، لرقابة ديوان المحاسبة حسب الأصول. وقد استعادت موازنة العام 2022 الصادرة بموجب القانون النافذ حكماً الرقم 10 تاريخ 15/11/2022 النص نفسه الوارد في المادة السابعة من موازنة العام 2020.
في هذا الإطار، وبالاستناد إلى نتائج التدقيق القانوني والمحاسبي الذي أجراه ديوان المحاسبة في حسابات الدولة اللبنانية عن الأعوام 1993 وما يليها، أعدّ الديوان تقريراً خاصاً عملاً بأحكام المادة 52 من قانون تنظيم ديوان المحاسبة (المرسوم الإشتراعي الرقم 82/82) حول موضوع الهبات المعطاة للدولة اللبنانية خلال الأعوام من 1993 لغاية 2022 ضمناً، يغطي فيه الجوانب القانونية والمحاسبية للهبات المعطاة للدولة اللبنانية من العام 1993 لغاية 2022.
صدر هذا التقرير بتاريخ 13/2/2023 وأتى في 92 صفحة، وقد قُسّم إلى قسمين، حيث تناول في القسم الأول منه الهبات في ضوء التشريع اللبناني، وتطرّق في القسم الثاني إلى الهبات في ضوء الواقع. ولفت التقرير إلى أن إدارات الدولة اللبنانية حصلت على هبات نقدية وعينية عديدة، لا سيما منذ العام 1993 ولغاية العام 2021 ضمناً، قدّرت مبالغها بالمليارات، وقُدّمت من أكثر من جهة داخلية وخارجية. إلّا أن الإجراءات العملية في موضوع قبول الهبات وقيدها في الحسابات المالية للدولة اللبنانية مع تحديد قيمتها، لم تتوافق مع الأحكام التشريعية في غالب الأحيان. وسنورد بعضاً مما أشار إليه التقرير في هذا السياق:
أولاً: في ما يتعلق بالهبات وحسابات الخزينة اللبنانية لدى مصرف لبنان.
بالنسبة للإجراءات العملية لقبول الهبات وقيدها في الحسابات، اعتبر التقرير بأن قبول الهبات وقيدها في حسابات الخزينة العامة في مصرف لبنان بين عامي 1993 و2010 كان أبعد ما يكون عمّا فرضته النصوص القانونية، بخاصة أحكام المادة 52 من قانون المحاسبة العمومية. فقد تبيّن أنه خلال الفترة الزمنية من العام 1993 وحتى العام 1996، لا توجد أيّة مستندات عائدة إلى حسابات الدولة أو الهبات يمكن الركون إليها لمتابعة عملية قيدها ودراسة مدى توافقها مع الأحكام المرعية.
أمّا بالنسبة للفترة اللاحقة، فقد تبيّن أنه تمّ قبول بعض الهبات بموجب قرارات دون إصدار مراسيم، كما تمّ فتح حسابات خاصّة لها دون أن يتمّ تسجيلها ضمن حسابات الدولة، ممّا أدّى إلى بقاء حسابات جزء كبير من الهبات التي حصلت عليها إدارات الدولة اللبنانية خارج حسابات الموازنة وخارج حسابات الخزينة، لذلك لم تتمكّن وزارة المالية من قيدها في الموازنة العامة وفقاً للأصول، بما يؤمّن الشفافية من خلال رقابة فعّالة عليها.
كما ظهر بوضوح في التقرير الصادر عن الفريق الخاص المولج بتدقيق حساب الهبات والتبرعات في وزارة المالية بين عامي 1993 و 2010 (قبل صدور التعميم رقم 14 /2011 تاريخ 3/8/2011) عن رئاسة مجلس الوزراء بشأن "أصول قيد الهبات النقدية في قسم الواردات من الموازنة العامة" والذي أكدّ ضرورة التقيّد بأحكام قانون المحاسبة العمومية في هذا الشأن، أنه بالنسبة لحسابات الأعوام 1993 لغاية 1996 لا يمكن تدقيق حسابات الهبات والتبرعات العائدة لهذه الفترة بسبب عدم تخصيص حسابات خاصة للهبات من جهة، وفقدان معظم سجلات إيرادات الموازنة من جهة أخرى. أما بالنسبة لحسابات الأعوام 1997 لغاية 2020، تبين أن القيود المحاسبية تعكس 8% فقط من عدد المراسيم الصادرة خلال هذه الأعوام. فقد صدر 293 مرسوماً بقبول هبات نقدية خلال 14 سنة، أما ما تمّ تسجيله في حسابات الخزينة اللبنانية في مصرف لبنان (الحساب 36) فهو 23 مرسوماً فقط.
ثانياً: في ما يتعلق بالحسابات الخاصة للهبات المفتوحة خارج حسابات الخزينة العامة .
اعتبر ديوان المحاسبة أنه من الضروري الإضاءة على العديد من الحسابات العائدة للهبات خارج حسابات الخزينة العامة ومتابعة حركتها وتحديد أرصدتها، سواء أكانت مفتوحة للإدارات العامة قبل صدور التعميم رقم 14 /2011، أم كانت مفتوحة لصالح المؤسسات العامة وبعض الهيئات الحكومية التي تتولى إدارة مبالغ لا يُستهان بها من الأموال العمومية.
وسنورد بإيجاز أبرز ما خلص إليه التقرير في معرض تعليقه عن هذه الحسابات المفتوحة منذ العام 1997 ولغاية العام 2021:
في الحسابات الخاصة المفتوحة لدى مصرف لبنان:
نتيجة ندرة المعلومات المتوفّرة لدى وزارة المالية بالنسبة لحسابات الهبات المفتوحة لدى مصرف لبنان لصالح الوزارات وخارج حسابات الخزينة اللبنانية، تمّ الحصول من المصرف المركزي على المعلومات العائدة للحسابات الخاصة المفتوحة لصالح وزارات الدولة، وتلك المفتوحة لصالح المعهد المالي ومجلس الإنماء والإعمار، والهيئة العليا للإغاثة، كون المهام المناطة بهم، تولّيهم إدارة جزء هام من الأموال العمومية، ومنها أموال مصدرها الهبات وبقيم كبيرة جداً. وقد تبيّن نتيجة ذلك أنه تمّ فتح 176 حساباً خاصاً من ضمنها 53 حساباً للهبات الواردة إلى مجلس الإنماء والإعمار.
في الحسابات الخاصة المفتوحة لدى المصارف الخاصة:
وجّه الديوان مذكّرة إلى لجنة الرقابة على المصارف في 10/1/2023، يطلب بموجبها إفادته حول الحسابات المفتوحة لصالح إدارات الدولة لدى المصارف الخاصة في حال وجودها، ولم يرد أيّ معلومات حول الموضوع حتى تاريخ تنظيم التقرير. وقد تبيّن للديوان خلال التدقيق، قيام وزارة الصحة العامة بفتح حساب لها في مصرف خاص (بنك البحر المتوسط) لتلقّي تبرّعات وهبات لمواجهة وباء كورونا، خلافاً لأحكام التشريعات النافذة التي تمنع إدارات الدولة من فتح حسابات خارج حسابات الخزينة اللبنانية، ولم تتوفّر للديوان أيّ معلومات حول حركة هذا الحساب ومصيره.
وقد أشار التقرير إلى أنه في ما يتعلق بحركة وأرصدة الحسابات الخاصة بالهبات المفتوحة لدى مصرف لبنان خارج حسابات الخزينة منذ العام 1997 ولغاية 2021 ضمناً، فقد تبين الآتي:
بلغت قيمة مجموع أرصدة الحسابات الخاصة بالهبات المفتوحة لدى مصرف لبنان خارج حسابات الخزينة الواردة أعلاه، في آخر العام 1997، 1.6 مليون دولار أميركي. كما تبيّن أن مجموع الحركة الدائنة لحسابات هذه الهبات مجتمعة من العام 1998 إلى نهاية العام 2021، وفقاً لقيود مصرف لبنان قد بلغت ما قيمته: 3,2 تريليون ليرة لبنانية و2,1 مليار دولار أميركي و120 مليون يورو و99,9 ألف دينار كويتي.
كما أضاف، أن مجموع الحركة المدينة لحسابات هذه الهبات مجتمعة من العام 1998 إلى نهاية العام 2021، وفقاً لقيود مصرف لبنان قد بلغت ما قيمته: 3,1 تريليون ليرة لبنانية و2,1 مليار دولار أميركي و115 مليون يورو و99,9 ألف دينار كويتي. كما أشار إلى أن مجموع أرصدة حسابات هذه الهبات مجتمعة بتاريخ 31/12/2021، وفقاً لقيود مصرف لبنان قد بلغت ما قيمته: 75 مليار ليرة لبنانية (16 حساباً)، 30 مليون دولار أميركي (18 حساباً)، 5 ملايين يورو (10 حسابات). وبالتالي تكون هذه القيمة موزعة على 44 حساباً من أصل 176 المذكورة أعلاه، فيما أصبح رصيد باقي الـ 132 حساباً صفراً.
كما تبيّن لديوان المحاسبة نتيجة التدقيق في المستندات المقدّمة من مصرف لبنان، وجود عدد من الملاحظات تطال العمليات المنفّذة على حسابات الهبات أهمها:
وجود حسابات نائمة منذ زمن يفوق الثلاث سنوات تتضمّن مبالغ مالية بعملات مختلفة. يصل عدد هذه الحسابات إلى 24 حساباً لم يتمّ تحريكها من فترات تتراوح بين العام 2006 والعام 2019. وتعود الحصة الأكبر من هذه الحسابات للهيئة العليا للإغاثة ووزارة الداخلية وبعضها تصل قيمته إلى 400 ألف دولار. وفي هذا الإطار، اعتبر الديوان أنه لا بدّ من التساؤل عن سبب إهمال السعي للاستفادة من أرصدة هذه الحسابات في برامج ومشاريع تعود بالفائدة على الدولة بموافقة الواهب عند الضرورة، واعتبارها إيراداً وفق الأصول.
كذلك تبيّن وجود حساب خاص فُتح قبل العام 2011 خارج حسابات الخزينة للهبات الواردة لأحد المشاريع في إدارة من إدارات الدولة، وحساب آخر فُتح بعد العام 2011 ضمن حسابات الخزينة للهبات الواردة لنفس المشروع. (مثال على ذلك: البرنامج الوطني لاستهداف الأُسر الأكثر فقراً والبرنامج الوطني للتطوع لدى وزارة الشؤون الاجتماعية)، الأمر الذي يطرح التساؤل حول الغاية من إبقاء حسابات الهبات الواردة إلى أي مشروع مشرذمة بين أكثر من حساب، وما الداعي لإبقاء أي حساب لإدارة عامة خارج حسابات الخزينة في الأساس؟
في آخر التقرير أورد ديوان المحاسبة عدداً من التوصيات أبرزها:
التقيّد بأحكام المادة 52 من قانون المحاسبة العمومية لجهة قبول الهبات بموجب مراسيم وقيدها وفقاً للأصول، وضرورة وضع تقارير إنجاز لكل مرحلة من مراحل تنفيذ المشاريع والبرامج الممولة من أموال الهبات.كما أوصى الديوان الحرص على حسن الإلتزام بالآليات الموضوعة لتدوين الحركة الكاملة لحسابات الهبات في قيود وزارة المالية، وفتح حسابات للإدارات العامة ضمن حسابات الخزينة فقط، والتأكيد على عدم قانونية فتح حسابات للإدارات العامة في المصارف الخاصة والعمل على إقفالها.
بالإضافة إلى ما تقدّم، شدّد الديوان على تحديد آلية إرسال الحسابات والمستندات والمعلومات المتعلقة بالبرامج والمشاريع الممولة عن طريق الهبات إلى ديوان المحاسبة، ليتمكن من إجراء الرقابة التي أناطتها به قوانين الموازنة المتعاقبة، ووضع آلية تمكّن وزارة المالية من متابعة حركة الحسابات المفتوحة للإدارات قبل العام 2013 خارج حسابات الخزينة.
كذلك أوصى ديوان المحاسبة بالعمل على الاستفادة من أرصدة حسابات الهبات النائمة منذ زمن لدى مصرف لبنان، والاتفاق مع الجهات الواهبة على تحويلها إلى برامج أو مشاريع جديدة أو اعتبارها للخزينة العامة في الحالات التي تسمح بها النصوص القانونية النافذة، وضرورة متابعة أسباب إغفال إقفال حسابات الهبات النائمة منذ زمن لدى مصرف لبنان من قبل الإدارات المعنية، وتحديد المسؤول عن ذلك وملاحقته نتيجة الضرر الذي ألحقه عن قصد أو إهمال بأموال الهبات التي تُعتبر أموالاً عمومية.
في الختام، وبهدف الحفاظ على أموال الهبات التي هي من الأموال العمومية، نرى ضرورة التقيّد بتوصيات ديوان المحاسبة المذكورة أعلاه، واحترام الأصول والأحكام القانونية كافة، والتعاميم الصادرة عن رئاسة الحكومة وعن وزير المالية خلال السنوات الماضية المتعلقة بقبول الهبات وقيدها وآلية تسجيلها، الأمر الذي يساهم في إصلاح المالية العامة في الدولة، ويحدّ من الفساد المالي ويعزز الشفافية والنزاهة، وبالتالي يسمح بالمساءلة والمحاسبة وتحديد المسؤوليات.