الدكتور خالد الحاج (*)
تواجه إيران اليوم مجموعة من التحديات على الصعيدين الداخلي والخارجي، مما يجعل استقرار نظامها محط الأنظار والاهتمام.
في هذا السياق، تعتبر زعزعة النظام الإيراني وصولاً إلى تغييره من أكبر المخاوف التي تواجهها القيادة الإيرانية.
هذا الخوف يتبلور بشكل رئيسي حول ثلاثة محاور مترابطة: العلاقة المعقدة مع الولايات المتحدة والدول الغربية، الدور الإيراني في الحرب الأوكرانية، وأخيرًا التهديدات الأمنية الإسرائيلية.
العلاقة مع الولايات المتحدة والدول الغربية
إيران فشلت في جر إدارة الرئيس جو بايدن إلى العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب.
على العكس من ذلك، فرضت إدارة بايدن المزيد من العقوبات على إيران، مما أدى إلى زيادة تعقيد الوضع الاقتصادي في البلاد.
هذه العقوبات طالت قطاعات حيوية مثل النفط والتمويل، وزادت من عزلة إيران دوليًا، مما جعل الاقتصاد الإيراني يواجه تحديات أكبر وأعمق.
ومع اقتراب الانتخابات الأميركية المقبلة، تخشى إيران من فوز ترامب وعودة سياسة "الضغط الأقصى" التي قد تهدف إلى تغيير النظام أو دعم المعارضة الداخلية.
بالنسبة إلى إيران، فإن عودة ترامب تمثل خطرًا وجوديًا على نظامها الثوري، إذ تسعى الولايات المتحدة إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصالحها وحلفائها، خاصة إسرائيل.
إيران ودورها في الحرب الأوكرانية
على الرغم من عدم مشاركة إيران بشكل مباشر في الصراع الأوكراني، فإن دعمها لروسيا، من خلال تزويدها بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، جعلها لاعبًا غير مباشر في الحرب. هذه الأسلحة تُستخدم لضرب الأسلحة الغربية المتدفقة إلى أوكرانيا، مما يعزز العلاقات الإيرانية-الروسية لكنه أيضًا يعرض إيران لمزيد من العقوبات الغربية.
هذا التعاون يعكس رغبة إيران في تعزيز تحالفها مع روسيا لمواجهة الغرب، لكنه في الوقت نفسه يعرضها لضغوط إضافية ويزيد من عزلتها الدولية.
ومع تصاعد التوترات بين موسكو وواشنطن، تجد إيران نفسها في موقف حساس، حيث تحاول تعزيز قدراتها العسكرية من دون تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تدفع الغرب إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
ومع هذا التوتر، يمكن فهم سبب إشارة الاتحاد الأوروبي، لأول مرة، إلى النزاع بين إيران والإمارات حول الجزر الثلاث في بيان ختام القمة الأوروبية-الخليجية، وهو مؤشر على تزايد الضغوط الدولية على طهران.
أمن إسرائيل
إسرائيل تعتبر إيران أكبر تهديد لأمنها القومي، إذ تقود إيران "محور المقاومة" الذي يضم حماس، الجهاد الإسلامي، حزب الله، الحوثيين، وبعض الفصائل العراقية.
إيران تسعى دائمًا لدعم هذه الجماعات لتعزيز نفوذها الإقليمي وضرب المصالح الإسرائيلية.
إسرائيل لم تتردد في استخدام القوة لمنع إيران من تطوير برنامجها النووي أو نقل الأسلحة إلى حلفائها في سوريا ولبنان.
"الشرق الأوسط الجديد"
على الرغم من كل التحديات التي تواجهها إيران، إلا أن أحد أكبر المخاوف التي تراود القيادة الإيرانية هو ما يُطلق عليه "الشرق الأوسط الجديد" بالمفهوم الأميركي. هذا المفهوم، الذي يرتبط بسياسات الولايات المتحدة في المنطقة، يشير إلى إعادة هيكلة النظام الإقليمي بما يتماشى مع مصالح واشنطن وحلفائها، وخاصة إسرائيل. في حال عودة ترامب إلى السلطة، قد تتبنى الولايات المتحدة استراتيجية تهدف إلى تقليص دور إيران في المنطقة بشكل كبير، بل وربما الضغط نحو تغيير النظام.
(*) دكتوراه في التاريخ السياسي متخصص في الشؤون الإيرانية