النهار

ريمون إدّه والأطماع الإسرائيلية
المصدر: "النهار"
ريمون إدّه والأطماع الإسرائيلية
A+   A-

المحامي بول يوسف كنعان

يعيش لبنان اليوم حرباً تهدّد كيانه. فالبلد الواقع على خط الزلازل الإقليمية، يعيش أزمة اقتصادية واجتماعية مستمرة منذ 5 سنوات، زاد عليها الفراغ الرئاسي المتواصل أزمات ومخاوف.

 

وجاء جنوح إسرائيل نحو الحديد والنار والدماء والدمار، ليكبّد البلاد شهداء وجرحى، ونزوحاً ودماراً وشللاً اقتصادياً وخسائر تقدّر بعشرات مليارات الدولار... "والحبل على الجرار".

 

تعيدنا الأحداث الدائرة إلى أواخر سبعينيات القرن الماضي، فنتذكّر مرة جديدة أن ريمون إده كان على حق، يوم نبّه عميد حزب الكتلة الوطنية من أطماع إسرائيل بلبنان ومياهه. وحاجة دولة إسرائيل إلى وضع يدها على مياه الليطاني ومصادر مياه لبنانية أخرى.

 

هي حرب على المياه خاضتها قبل عشرات السنين، وهي تكرر حربها اليوم، لغايات عسكرية نعم، ولكن اقتصادية أيضاً. وما حديثها عن نهر الليطاني إلا استعادة لمشهد الحاجة إلى مياه لبنان.

 

لقد كان ريمون إده صاحب رؤية في عمله السياسي والوطني، وسبّاقاً في تحذيره من خطر إسرائيل على لبنان، وسبّاقاً كذلك في المطالبة بنشر القوات الدولية (القبعات الزرقاء كما كان يسميها) على الحدود الجنوبية لمنع إسرائيل من القيام بأيّ مغامرة.

 

وعندما اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، فأطلقت على العملية اسم "عملية الليطاني"، توالت الأنباء عن قيام إسرائيل بتنفيذ مشاريع لجر مياه نهر الليطاني إلى أراضيها. يومها، تقدّم العميد إده بسؤال خطّي إلى الحكومة، لكشف حقيقة هذه المشاريع والمدى الذي بلغته على صعيد التنفيذ العملي، لاتخاذ الإجراءات الآيلة إلى منع سرقة المياه اللبنانية.

 

اليوم، لبنان مطالب مجدداً بالأفعال التي تمنع سرقة مياهه وأرضه وشعبه، بالخطوات الآيلة إلى وقف النار، وتطبيق القرار 1701، واستعادة الأمن والأمان للشعب اللبناني، وإعادة الجنوبيين إلى أرضهم التي باتت محروقة، مهدّمة، وكأن آلة القتل الإسرائيلية تريد محو كل أثر للحياة فيها.

 

إن مؤتمر دعم لبنان الذي عُقد في فرنسا شكّل خطوة هامة، تدل على اهتمام فرنسا بلبنان. لكنه يجب أن يترافق مع حراك ديبلوماسي لبناني فاعل، وموقف وطني واحد، يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، فيسرع في التحرّك لوقف النار، ويسهم في إعادة الاستقرار إلى لبنان، وتمويل إعادة الإعمار. والأهم، ضمان عدم تكرار المأساة، حتى لا يدفع لبنان الثمن مرة جديدة.

 

اقرأ في النهار Premium