النهار

عودة ترامب للرّئاسة: تصعيد مرتقب في التّوترات الأميركيّة الصينيّة وصراع من أجل عالم متعدّد الأقطاب
المصدر: النهار
عودة ترامب للرّئاسة: تصعيد مرتقب في التّوترات الأميركيّة الصينيّة وصراع من أجل عالم متعدّد الأقطاب
غلاف الصحف في الصين بعد فوز ترامب (أ ف ب)
A+   A-

وارف قميحة *


مع عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية بعد فوزه في انتخابات 2024، تتزايد التساؤلات حول مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، بخاصة في ظل مواقفه السابقة التي اتسمت بالتوترات التجارية والسياسية مع بكين. 

من المتوقع أن يعيد ترامب النظر في ملفات كانت محور خلاف بين البلدين، حيث سبق أن فرض خلال ولايته الأولى رسوماً جمركية مرتفعة على البضائع الصينية وقيوداً على شركاتها، خصوصاً في قطاع التكنولوجيا. هذا التوجه التصادمي أثر كثيراً على حركة التجارة العالمية، وقاد البلدين إلى "حرب تجارية" ألقت بظلالها على الاقتصادين الأميركي والصيني على حد سواء، ما أضر بالشركات والمستهلكين وأدى إلى تقلص النمو الاقتصادي في كلا الجانبين.

الصين، من جانبها، تتابع عودة ترامب بحذر، حيث تدرك أن سياساته المتوقعة قد تعيد الأجواء المتوترة التي سادت علاقاتهما خلال السنوات الماضية. ويعتقد مراقبون أن الصين تسعى إلى تسريع تطوير تقنياتها الذاتية وتعزيز الاكتفاء الذاتي في مواجهة أي قيود قد يفرضها ترامب على وصولها للتكنولوجيا الأميركية. كما أن الصين  تُركز على توسيع شراكاتها مع دول أخرى لتعزيز مرونتها الاقتصادية وتقليل اعتمادها على الأسواق الأميركية. في هذا السياق، عملت الصين على تعميق تعاونها مع دول الاتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى ودول "الحزام والطريق" كبدائل محتملة لتجاوز القيود الأميركية.

تتوقع التحليلات أن ترامب قد يعزز التحالفات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد في تلك المنطقة، بخاصة مع دول مثل اليابان، الهند، وأستراليا. وقد يؤدي هذا إلى تصعيد التوترات، حيث ترى الصين في مثل هذه التحركات تهديداً لأمنها الإقليمي ومحاولة لاحتواء تطلعاتها. وقد تتخذ بكين خطوات لتعزيز وجودها العسكري والدبلوماسي في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ لتأمين مصالحها في مواجهة أي تصعيد محتمل.

على الصعيد الدولي، تسعى الصين إلى تبني دور أكثر فعالية في القضايا العالمية، مثل قضايا تغير المناخ، التجارة العالمية، وحوكمة الإنترنت، خاصة إذا ما أظهر ترامب ميلاً إلى تقليص مشاركة الولايات المتحدة في المبادرات المتعددة الأطراف. فالصين تستغل هذا الفضاء لتعزيز مكانتها كقوة عالمية بديلة تروج للتعددية والدبلوماسية، في مقابل النهج الأحادي الذي ميّز سياسة ترامب في السابق.

وفي نهاية المطاف، تمثل عودة ترامب للرئاسة تحدياً جديداً للعلاقات الأميركية الصينية، التي قد تواجه دورة جديدة من التصعيد والتنافس في ظل تعارض استراتيجيات البلدين. فمن جانب، يسعى ترامب لتعزيز التفوق الأميركي والحد من النفوذ الصيني، ومن جانب آخر، تسعى الصين للحفاظ على استقلالها الاقتصادي وتوسيع نطاق تحالفاتها العالمية ضمن عالم متعدد الأقطاب. 

*رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث

اقرأ في النهار Premium