النهار

خامنئي على خطى بن سلمان بضرب الفساد وإقرار الإصلاحات فهل ينجح؟
المصدر: "النهار"
خامنئي على خطى بن سلمان بضرب الفساد وإقرار الإصلاحات فهل ينجح؟
المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي (أ ف ب).
A+   A-

عماد جودية

 

يكتسب صادق خرازي، المستشار الخاص للمرشد الإيراني خامنئي، أهمية أستثنائية ليس لأنه كان سفيراً لبلاده في باريس زمن عهد الرئيس محمد خاتمي فحسب بل لكونه أيضاً ابن آية الله الخرازي وابن شقيق وزير الخارجية الإيراني الأسبق كمال خرازي وفي نفس الوقت شقيقته متزوجة بابن المرشد مجتبى علي خامنئي المساعد الأول لوالده والمرافق اليومي له.

 

المستشار خرازي نفسه قام عام 2019 بزيارة لبيروت بقيت طيّ الكتمان وبعيدة عن الإعلام واقتصرت فقط على لقاء الرئيس الراحل حسين الحسيني ناقلاً له رسالة خاصة من المرشد يبلغه فيها اتخاذه قراراً بالبدء بإجراء إصلاحات جذرية داخل بنية النظام الإيراني من أجل تطويره وتحديثه بالتدريج وفق ما كان تمنّى عليه الحسيني نفسه القيام بها حفاظاً على إيران ومنع تفجرها من الداخل نتيجة تشدد نظامها الإسلامي. وكشف خرازي للرئيس الحسيني أن تحذيراته للمرشد قبل سنوات خلال زيارة له لطهران بضرورة أخذ النظام الإيراني إلى التطوّر والتحديث أصبحت من الضرورات لحماية إيران ووحدتها الداخلية من أي انفجار شعبي لا سيما أن ثمانين في المئة من الشباب الإيراني أصبح يبتعد عن النظام الإيراني الحالي لتشدده. وذكّر خرازي الرئيس الحسيني بما كان هو قد أبلغ به المرشد خلال لقائه به أثناء زيارته السابقة لطهران: ما فيك تقول لابن العشرين خليني فكر عنك. وطلب خرازي من الرئيس الحسيني تزويده بوثيقة "المركز المدني للمبادرة الوطنية" التي كان قد أعدّها والتي تدعو إلى قيام نظام مدني لبناني، والتي كان الرئيس الحسيني قد أطلقها داعياً من خلالها إلى إحداث تغيير جذري في بنية النظام المذهبي والطائفي اللبناني الذي بات تغييره من الضرورات الوطنية لإنقاذ لبنان وطوائفه وأهله من الانهيار الشامل عبر إقرار نظام مدني لاطائفي.

 

وأهمية زيارة خرازي للرئيس الحسيني يومذاك كانت في أنه نقل له رغبة المرشد في تحديث النظام الإيراني ووضع هذه الرغبة موضع التنفيذ وفق التصور الذي كان الحسيني قد اقترحه عليه والقائم على أخذ إيران نحو نظام حقيقي يخفف من القيود الدينية ويأخذه تدريجاً إلى نظام مدني تعددي.

 

وخلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي شهدتها إيران قبل عشرة أشهر نجح المرشد في الضغط لإسقاط مرشح التيار المحافظ المتشدد قاليباف رئيس مجلس النواب الحالي والرئيس السابق لبلدية طهران خلال الدورة الأولى من هذه الانتخابات لمصلحة جليلي المحافظ الضعيف الذي واجه الإصلاحي الضعيف بزشكيان وأسفرت عن فوز الأخير بدعم مباشر من المرشد وتياره الإصلاحي في مواجهة المحافظين المتشددين المدعومين من الحرس الثوري. وفوز بزشكيان كان انتصاراً للمنطقة الأذربيجانية الإيرانية التي ينتمي إليها والتي كانت تشهد من وقت إلى آخر توترات داخلية في مواجهة رجال السلطة المتشددين.

 

بزشكيان جاهر منذ انتخابه بمواقف جريئة مدعومة من المرشد يدعو فيها:

 

أولاً: إلى استعداد إيران للانفتاح على الجانب الأميركي اذا ما أوقفت واشنطن حصارها الاقتصادي عليها ورفعت العقوبات الدولية عنها، معتبراً أن الشعب الإيراني لا يكن الكراهية للشعب الأميركي.

 

ثانياً: إصداره قرارات قلصت من سلطة "فرق المطاوعة"، داعياً إياها إلى وقف إجبار الناس على التوجه إلى الصلاة بقوة العصا، وطلب منها التوقف عن مضايقة النساء والفتيات في لباسهنّ بخصوص الحجاب.

 

فبالنسبة إلى بزشكيان ومن خلفه المرشد فإن للمرأة تقديراً عالياً في المجتمع الإيراني ولا يمكن التعامل معها كسلعة، فقبل 500 سنة من الميلاد كانت إحدى النساء قائدة جيش الإمبراطور الإيراني زركسيس.

 

ثالثاً: بدأت حكومة بزشكيان باتخاذ قرارات انفتاحية اقتصادية تسهم في التخفيف من احتقان السوق الداخلي لامتصاص نقمة الشارع وإعطاء الأمل للمواطنين بقرب ازدهار الاقتصاد الإيراني وعودة العافية له.

 

وبهذه الخطوات يكون المرشد خامنئي ومعه رئيس جمهوريته يسيران على خطى وليّ العهد السعودي الواعد الأمير محمد بن سلمان بضرب الفساد والمفسدين داخل بنية النظام الإيراني وإقرار إصلاحات دستورية فيه تنقله إلى نظام الحداثة فلا يبقى داخل عباءة نظام ديني متشدد مغلق على أيّ تطور وتحديث. فهل ينجح كما نجح بن سلمان؟ الجواب مرهون بقدرته على تطبيق إصلاحاته إذا استطاع مواجهة متشددي وفاسدي نظامه بقبضة من حديد على غرار قائد السعودية الشاب.

اقرأ في النهار Premium