انتهى المخرج المصري مرقس عادل من تصوير فيلم "جوري ولاد المحظوظة" (إسم مبدئي)، الذي ستظهر فيه الفنانة هيفاء وهبي بشكل مختلف عن أعمالها السابقة في مصر.
المخرج الشاب الذي لا توجد في أرشيفه أعمال كثيرة، لكن معظم أفلامه حققت نجاحاً وثبتت أقدامه، رغم أنّ بداياته كانت في إخراج الإعلانات، وهو في الأساس خريج كلية الصيدلة. ففي عام 2019 ادار عملاً ضخماً من 45 حلقة هو "حواديت الشانزليزيه"، تدور أحداثه في إطار قصص فيها الكثير من التعقيدات والتشابك في الأحداث والتطورات، إلى جانب جريمة قتل غامضة تدور في حقبة الخمسينات من القرن الماضي.
في حديث الى "النهار العربي" قال عادل: "كان العمل تحدّياً لي، لأنّ ظروف السيناريو تحتاج الى ديكور ضخم وتركيبة خاصة من ناحية الشخصيات وملابس الأبطال، حتى أقل التفاصيل كانت تحتاج الى الدقة، لا سيما أني أتعامل مع أسماء كبيرة في عالم الفن، الأمر لم يكن سهلاً ونجحت بالتجربة، شركة "سنرجي" المعروفة في إنتاج أهم الأعمال اختارتني لإدارة العمل، ولكن جلسنا كثيراً قبل التصوير وأعجبتهم أفكاري وتصوري لتنفيذ الأحداث وكيفية نقل الأبطال من على الورق إلى أشخاص من لحم ودم، حتى كاتب العمل هو شاب جديد، وبعض التقنيين أيضاً، الشركة أعطتنا فرصة ونجحنا فيها جميعاً".
وأضاف:"هذا العمل تحديداً كلما يُعاد عرضه يكتشف المشاهد أنّ هناك أحداثاً لم ينتبه لها في المشاهدة الأولى، وكثيراً ما تصلني إتصالات من صحافيين وغيرهم يثنون على هذا العمل رغم أنّه طويل".
في موسم رمضان 2024 قدّم عادل "المعلم" الذي حقق نجاحاً كبيراً في مصر، وكذلك على المنصات التي عرضته، وفكرة العمل جديدة تطرح دهاليز عالم تجار الأسماك وكيف يتنافسون ونمط حياتهم، حتى تركيبة الشخصيات كانت متميّزة لدرجة انّ بعض المقاطع تحوّلت الى تراندات على مواقع التواصل الإجتماعي.
"لفتني العمل منذ أن كان فكرة بسيطة لم تُكتب بعد، طرحها عليّ النجم مصطفى شعبان وأعجبتني الفكرة جداً، ذهبت فوراً بخيالي إلى الصورة وتفاصيل الصراعات وكيفية توظيف الأحداث في سياق صور جميلة، أردت أن يكون العمل شعبياً لكن بنمط مختلف عن الأعمال الشعبية السابقة، والفكرة اصطادتني. كنت على يقين بأني سأخرج من التجربة متعلماً أشياء جديدة تضاف الى خبرتي، لأنّ أعمالي التي قدّمتها حتى اليوم، كل تجربة فيها كانت مختلفة عن الأخرى"، يشرح عادل.
بعض نقاد السينما العرب يقولون إنّ الفيلم المصري لم يعد متصدّراً الخريطة العربية وانّه يتراجع، ربما المنصات هي السبب أو انّ السوق العربي لم يعد مهتماً بالفيلم المصري، فكل دولة، بخاصة دول الخليج العربي، باتت تُنتج أعمالها، فما رأي المخرج مرقص عادل بذلك؟
يجيب بقوله: "هذا الكلام لا يعجبني إطلاقاً. وكل فترة نسمع هذا الحديث، السينما المصرية لها الريادة في العالم العربي، ولن تتراجع لأي سبب، ومهما نشأت سينمات أخرى، قد يكون التنوّع اختلف والزمن وطريقة التقديم اختلفا، لكن أن يُقال الفيلم المصري اختفى عن الخريطة لا أعتقد انّه كلام سليم".
ويوضح: "الفيلم المصري فيه تنوع يشبه الشعب المصري، بمعنى انّ هناك أفلاماً فيها بساطة وقصص شعبية وهناك قصص عميقة، ربما الإنتاج قلّ لكن ليس ذلك معناه الإندثار، "السوشيال ميديا" هي التي تروّج لمقاطع الأفلام الضعيفة، فيظن الناس أنّ هذا هو حال السينما المصرية حالياً، وأنّها لم يعد لها البريق مثل السابق".
وفي هذا السياق، يشير عادل إلى أنّ سوق توزيع الإيرادات أيضاً اختلف عن السابق، بيد أنّه اليوم بعد مصر يمكن القول بأنّ سوق الإيرادات والإقبال على مشاهدة السينما تتصدّره المملكة العربية السعودية حالياً، والتي توجد فيها أكثر من 400 صالة عرض سينما. في السابق قبل الإنفتاح الكبير في الدولة كان المشاهد يذهب إلى دولة عربية مجاورة لمشاهدة السينما، اليوم أصبح الامر سهلاً جداً على السعودي، وبشكل عام السوق الخليجي بات مهماً جداً، كذلك من ناحية إنتاج الأعمال وليس كمشاهدين فحسب، على حدّ قوله.
الأعمال العربية المشتركة ظاهرة موجودة، البعض يحبها ويشجعها، والبعض لا تستهويه ويعتبرها غير منطقية، هذا هو رأي الشارع العربي ومعه رأي النقاد والمخرجين وصنّاع الدراما، بالنسبة إلى عادل "هذه الأعمال تحتاج الى إعادة النظر فيها، بمعنى أن تُقدّم بشكل منطقي أكثر، اليوم نقدّم الـPan Arab فقط لنقول إننا دخلنا هذه الموضة وأنتجنا هذه النوعية من الأعمال، الأمر يحتاج الى أسباب وظروف وحبكة درامية مقنعة كي نبرر تنفيذنا لهذه النوعية من الأعمال، المسألة ليست أن نجلب بطلاً من كل دولة كي نرضي جميع الأطراف ونخرج بعمل نقول عنه مشتركاً".
وكشف عادل أنّ فيلمه الجديد الذي سيدخل مراحل المونتاج قريباً لم يستقر على اسم نهائي له، وهو من بطولة هيفاء وهبي التي ستتحدث فيه باللهجة اللبنانية للمرّة الاولى، لأنّ كل أعمالها في مصر كانت باللهجة المحلية، وهو من نوع الرومانسي الكوميدي ويقدمها بشكل مختلف، "وقد عملت عليه قبل سنة من تصوير المعلّم وحضرّت له جيداً وأتوقع له أن ينجح".