النهار

‏"تعبئة إلكترونية" لمقاطعة مشاهير يلتزمون الصمت حيال ‏حرب غزة
المصدر: أ ف ب
يقول الباحث في العلوم السياسية المتخصص في مسائل تعبئة ‏الشباب ديفيد جاكسون إن هذه الدعوات تعود جزئياً إلى ‏انخراط النجوم الأميركيين تقليدياً في السياسة،
‏"تعبئة إلكترونية" لمقاطعة مشاهير يلتزمون الصمت حيال ‏حرب غزة
شاب يتصفّح حساب إنستغرام للمغنية الأميركية كاتي بيري (أ ف ب)‏
A+   A-
 
تتزايد عبر شبكات التواصل الاجتماعي الدعوات لحظر ‏حسابات مشاهير مؤثرين احتجاجاً على التزامهم الصمت بشأن ‏الحرب في غزة‎.‎

وتشمل أهداف هذه التعبئة الإلكترونية المساندة للفلسطينيين ‏أسماء بارزة من أمثال المغنيتين الأميركيتين بيونسيه وتايلور ‏سويفت، ونجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان. وتشهد الحملة ‏زخماً أكبر منذ إقامة حفلة "ميت غالا" الأسبوع الماضي، وهو ‏من أبرز أحداث الموضة في نيويورك وتستقطب سنوياً أبرز ‏المشاهير في عالم صناعة الترفيه‎.‎

على تطبيق تيك توك، حقّق وسم‎ "blockout2024" (‎بلوك ‏أوت 2024) انتشاراً واسعاً مع أكثر من 30 ألف منشور ‏الاثنين. وحظيت مقاطع فيديو تدرج أسماء من ضيوف الحفلة ‏وغيرهم من الشخصيات المطلوب "حظرها" بآلاف علامات ‏الإعجاب‎.‎

وكتبت مستخدمة للإنترنت تسمّي نفسها "شومبا"، "عندما ‏كانوا يقصفون مدينة رفح حيث يعيش آلاف الأطفال، كان ‏الحديث عن ملابس زندايا أكثر تداولاً مما يحدث" في المدينة ‏الواقعة في جنوب قطاع غزة، مضيفة "من خلال حظرهم، ‏أنتم تستهدفون مصدر رزقهم"‏‎.‎

وبحسب موقع "سوشل بلايد‎" Social Blade ‎المتخصص، ‏خسرت كيم كارداشيان أكثر من 814 ألف متابع على ‏إنستغرام في شهر واحد، وسيلينا غوميز أكثر من مليون، ‏والممثل دواين جونسون المعروف بـ"ذي روك" أكثر من ‏‏397 ألفاً، وبيونسيه نحو 700 ألف متابع‎.‎

وقالت مؤثّرة معروفة باسم منى عبر تيك توك "إنهم يعلمون ‏أنه كان ينبغي عليهم التحدث عن ذلك منذ وقت طويل، ولكن ‏بعد أن بدأنا هذه الحركة، بدأوا بكسر حاجز الصمت. استمروا ‏في الحظر‎!".‎
 

‎"‎حساسة للغاية‎" ‎
ونشرت المغنية ليزو فيديو دعت فيه متابعيها لجمع التبرعات ‏لمساعدة طبيب في غزة لنقل أسرته الى السودان أو الى ‏الكونغو‎.‎

وفيما علّقت إحدى المتابعات بكلمة "شكراً"، استدعى المنشور ‏وابلاً من التعليقات السلبية، إذ كتب أحدهم "سأستمر في ‏حظرها"، فيما اعتبر آخر "هذا هراء (...) إنها تفعل ذلك فقط ‏لأنها على القائمة". ‏

منذ اندلاع الحرب في غزة بعد الهجوم غير المسبوق الذي ‏شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، يحث ‏ناشطون مؤيدون للفلسطينيين، وآخرون داعمون لإسرائيل، ‏المشاهير على اتخاذ موقف على وسائل التواصل الاجتماعي‎.‎

ويقول الباحث في العلوم السياسية المتخصص في مسائل تعبئة ‏الشباب ديفيد جاكسون إن هذه الدعوات تعود جزئياً إلى ‏انخراط النجوم الأميركيين تقليدياً في السياسة، وإلى الانطباع ‏الذي تكوّنه الشبكات الاجتماعية لدى المستخدمين بأنهم ‏يعرفون المشاهير شخصياً‎.‎

ويوضح الخبير لوكالة "فرانس برس" أن "عدم اتخاذ موقف ‏بشأن قضية مهمة، أو اتخاذ موقف لا يحظى بشعبية كبيرة، ‏يمكن أن يؤدي إلى حالة استياء أكبر من الجمهور" تجاه ‏النجم‎.‎

مع ذلك، فإن "هذا التعامل مع هذا الصراع يرتدي حساسية ‏فائقة لأي مشهور"، على ما تؤكد الأستاذة في جامعة إسيكس ‏ناتاشا ليندشتات التي درست انخراط المشاهير في دعم القضايا ‏المختلفة‎.‎

وتضيف "حتى التصريحات التي تبدو وكأنها مقبولة عالمياً ‏يمكن أن تزعج الناس"‏‎.‎

في هذا الإطار، أنهت وكالة "يو تي ايه‎" UTA ‎لإدارة ‏الأعمال تعاونها مع الممثلة الأميركية سوزان ساراندون بعد ‏أن تحدثت النجمة الهوليوودية في تجمع مؤيد للفلسطينيين في ‏تشرين الثاني (نوفمبر). في المقابل، تعرّض الفكاهي ‏الأميركي جيري سينفيلد لحملة انتقادات واسعة بسبب مواقفه ‏الداعمة لإسرائيل‎.‎
 

ماري أنطوانيت‎ ‎
وانطلقت حركة المقاطعة الأخيرة هذه من مقطع فيديو حذف ‏في وقت لاحق، صوّرت فيه صانعة المحتوى هالي خليل ‏نفسها وفي الخلفية الصوتية مقتطف من فيلم "ماري ‏أنطوانيت" لصوفيا كوبول، تُسمع فيه ملكة فرنسا تقول ‏عبارتها الشهيرة "دعهم يأكلون الكعك‎"! ‎‏.‏

وأشعلت العبارة التي ترمز إلى ازدراء الأقوياء بالفقراء، ‏شبكات التواصل الاجتماعي، فيما يرزح السكان الفلسطينيون ‏في قطاع غزة تحت الدمار ويواجه كثر منهم خطر المجاعة‎.‎

وقالت راي، الشخصية المؤثرة المعروفة عبر الشبكات ‏الاجتماعية باسم "لايدي فروم ذي أوتسايد" ("سيدة من ‏الخارج")، "حان الوقت لحظر جميع المشاهير وأصحاب ‏النفوذ والأثرياء الذين لا يستخدمون مواردهم لمساعدة من هم ‏في أمسّ الحاجة إليها"، داعية إلى إنشاء "مقصلة رقمية" ضد ‏هذه الشخصيات‎.‎
 

 
وتأجّج سخط مستخدمي الإنترنت بسبب مظاهر البذخ المفطرة ‏في حفلة "ميت غالا" الأسبوع الماضي، إذ بلغ سعر تذكرة ‏الفرد الواحد 75 ألف دولار، فيما حجز طاولة بأكملها كلّف ‏‏350 ألف دولار، وفق صحيفة "نيويورك تايمز"‏‎.‎

على شبكات التواصل، كثرت المقارنات بين حدث نيويورك ‏وفيلم الديستوبيا "هانغر غايمز" الذي يصوّر نخبة تشارك في ‏ولائم فارهة وتنظّم ألعاباً وحشية بينما يموت جزء من السكان ‏من الجوع‎.‎

ويصعب تقييم الأثر المالي لهذه الحركة على المشاهير، "ما لم ‏تتم مقاطعتهم بشكل كامل"، وفق ليندشتات، "لكن في حالة ‏تايلور سويفت أو بيونسيه، الأمر لن يحدث بتاتاً‎".‎

اقرأ في النهار Premium