تستقبل أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 11 كانون الثاني (يناير) المقبل، حفل "كولدبلاي" (Coldplay) البريطانية الوحيد في الشرق الأوسط، ضمن أكبر جولة لموسيقى الروك على الإطلاق، بمبيعات حققت أكثر من 945 مليون دولار أميركي، وشملت أكثر من 9 ملايين شخص في أكثر من 30 دولة.
وتتلاءم استضافة فرقة الروك المكوّنة من المغنين والعازفين كريس مارتن وغاي بيريمان وفيل هارفي وويل شامبيون وجوني باكلاند، بين جهود الإمارات ومعاييرها البيئية مع جهود "كولدبلاي" على الصعيد عينه، لا سيما أن رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أعلن في شهر شباط (فبراير) الماضي، تمديد مبادرة "عام الاستدامة" لتشمل عام 2024، بهدف البناء على ما تحقق من نجاح خلال العام الماضي 2023، كما تتميز الجولة العالمية بجهودها في مجال الاستدامة أيضاً، إذ تهدف إلى تقليل البصمة الكربونية للفرقة.
وتتميز الفرقة الأوروبية بالاهتمام بتفاصيل هامة في حفلاتها، في إطار حرصها على الاستدامة البيئية. وفي مناسباتها السابقة التي حصلت تحت إشراف مؤسسات بيئية على غرار Green Nation وHope Solutions، منحت الفرقة أفراد الجمهور سواراً للمعصم متزامناً ربطاً مع نظام الحفل الموسيقي، لإضاءته وفقاً للأغنية، وأيضاً بناءً على مكان جلوس حاملها. والأهم أن الحاضرين تمّ تشجيعهم على إعادة أساور المعصم في نهاية الحفل، حتى يمكن إعادة تدويرها للحفل الموسيقي التالي، مع إعلام رواد الحدث بمعدلات إعادة تدوير أساور المعصم في البلدان التي سبق للفرقة الأداء فيها، كما أن أساور المعصم لم تكن تحمل أي علامة، ولم يكن هناك أي شعار لـ Coldplay أو ما شابه ذلك، مطبوعًا عليها، ما يساعد حقًا في تشجيع المعجبين على عدم الرغبة في الاحتفاظ بها كتذكارات، ولكن التخلّي عنها كمواد قابلة لإعادة التدوير، والتي لا فائدة منها عمليًا بعد الحفل.
وتتمسك الفرقة بإعلانها للمرّة الأولى بخفض بصمتها الكربونية في عام 2019، حين صرّحت لـ "هيئة الإذاعة البريطانية" (BBC) أنها لن تقوم بجولة مرّة أخرى حتى تتمكن من القيام بذلك بطريقة أكثر استدامة. وأعلنت في عام 2021 عن خطة من 12 نقطة لخفض البصمة الكربونية للجولة بنسبة 50%، فنجحت في العامين الأولين من جولتها Music of the Spheres بتحقيق انخفاض بنسبة 59% في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مقارنة بجولتها العالمية السابقة، من خلال تقليل عدد رحلات السفر الجوي واستخدام وقود الطيران المستدام حين يكون الطيران أمراً لا مفرّ منه، وزراعة 7 ملايين شتلة كجزء من التزام بزراعة شجرة لكل معجب يحضر العروض، وأيضاً عبر استخدام حلبة الرقص التي تولّد الكهرباء عندما يقفز المعجبون.
وتؤكّد الفرقة أن الطاقة المنتجة من خلال تركيبات الطاقة الشمسية في الموقع، وأرضيات الرقص الحركية والدراجات الكهربائية زادت من 15 إلى 17 كيلو وات في الساعة لكل عرض، وهو ما يكفي لتشغيل إحدى مناطق المسرح الأصغر حجمًا كل ليلة، وتزويد الطاقم بمحطات شحن الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأدوات، علماً أنه وفقًا لمركز "تيندال لأبحاث المناخ"، تولّد الحفلات الموسيقية والعروض الحية حول العالم 405000 طن من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي كل عام.
وأشار تقرير صدر في تموز (يوليو) الماضي، ودققت أرقامه "مبادرة الحلول البيئية" في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT)، إلى أن الفرقة لم تحقق أهدافها فحسب، بل أصبحت أكثر كفاءة مع مرور الوقت، إذ وصلت إلى انخفاض بنسبة 47% في انبعاثات الكربون. ومن بين التطورات التي نفذّتها، تمّ تحويل 72% من نفايات الجولة من مكبات النفايات وإرسالها لإعادة الاستخدام وإعادة التدوير والتسميد.
ومن المبادرات الأخرى على صعيد الاستدامة البيئية، موّلت فرقة "كولدبلاي" اثنين من "معترضات الأنهار لتنظيف المحيطات" التي تعمل بالطاقة الشمسية، والتي تستخرج البلاستيك من المحيط، إلى جانب بناء مجموعات من مواد مستدامة مثل الخيزران.
ويقول قائد الفرقة كريس مارتن، إنه يريد إثبات إمكانية تحقيق جولات مستدامة، مضيفاً: "ما نحاول القيام به في الواقع ليس الدعوة على الإطلاق، بل مجرد إثبات أن هذا منطقي من الناحية التجارية، لأننا نشعر أن هذه هي الطريقة التي ستجعل الناس يتغيّرون حقاً. في نهاية المطاف، بالنسبة للكثير من الناس، هذا هو الاعتبار الأساسي لصنّاع الأعمال، لذلك نحاول حقًا أن نظهر في هذه الجولة أن النظافة والخضرة ليست شيئاً خيرياً يسارياً، بل هذا هو أفضل منطق تجاري".