النهار

هان كانغ استدرجت "نوبل" إلى الأدب الآسيوي!
هان كانغ
A+   A-


أخذت الروائية الكورية هان كانغ أدب بلادها إلى العالمية عبر اقتناصها جائزة نوبل للآداب لهذا العام. وفي السابق، لم يكن من مكان للغات الصعبة أن تدخل في منافسة على جائزة بوزن نوبل، وإن سعت دور نشر عالمية، ومن بينها عربية، للانفتاح على ترجمات تكشف ماذا يدور في مثل تلك البلاد النائية التي تعيش حالات خاصة في السياسة والأدب والاجتماع.
لمع نجم هان كانغ في الأوساط الأدبية عالمياً بعد ترجمة روايتها "لا أقول وداعاً" إلى أكثر من لغة، وفيها تحدثت عن مجزرة وقعت في "جيجو" من خلال رصد النضال الطويل والصامت للناجين من المذبحة إبان الاستعمار الياباني للجزيرة. 
كتبت بعد غياب خمسة أعوام عن الساحة الثقافية، متناولة بوجع ألم الإنسان الذي يفقد عزيزاً. ينتظره لأعوام ولا يأتي ولا يعرف من بقي على قيد الحياة. هذا الوجع المتنقل حول العالم جعل روايتها أشبه بغرزة دبوس في ذاكرة قرائها من مختلف أصقاع العالم، حيث المجازر تحصل في كل مكان وهناك مفقودون بالجملة والانتظار صعب.
ثم اختارت الروائية أن تكون بطلتها "نبتة" في عملها الروائي الشهيرة "النباتية". رواية فازت بجائزة مان بوكر الدولية، واجهت فيها العنف البشري في مقابل التشكيك بوجود البراءة الإنسانية، معرية النظام الأبوي البطريركي في كوريا حيث لا كلمة للمرأة. ومن رحم الفقدان كتبت عن شقيقتها التي ماتت بعد ساعتين من الولادة. وبالتدريج، أخذت القارئ إلى تلك المصادمات التي تقع بين الزوجين، مستدرجة إياه إلى مرض المرأة النفسي والحدود الأخيرة للألم.
ولا تختلف هواجس هان كانغ عن الصينية كان تشيويه، التي أثارت اهتمام اللجنة الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، في زمن ينتصر فيه الذكاء الاصطناعي على الإنسان، فكان أن انتصرتا من خلال الكلمة والإحساس وهواجس الداخل بالفوز بمكانة "ذهبية" في دنيا الفنون. 
  هان كانغ هي ابنة الروائي الشهير  هان سيونغ وون، وشقيقة الروائي هان دونغ ريم، ومن مكتبتهما تعلمت كيف تتمرد على الكلمة وتنتصر للمظلوم، تماما كما دفعت بطلتها في "النباتية" للتمرد على زوجها في أن تمتنع عن أكل اللحوم وتسعى إلى أن تتحول لشجرة غير آبهة باتهامها بقصور عقلي. 
وبفوز كاتبة من كوريا الجنوبية، والثناء على روايات الصينية كان تشيويه، أخذت الأكاديمية السويدية إجازة من العالم المادي المليء بالضجيج والذكاء الاحتيالي لتنحوَ نحو أدب يميل من خلاله الكتّاب وشخصياتهم إلى الخير العام والفضيلة والخصال الحسنة، فالقيم الأخلاقية والروحية تمتزج وتنصهر لتكون شخصيات سامية وطنية طيبة لا تغضب ولا تخطئ ولا تسيء إلى المحيطين بها. ربما هذا ما يحتاجه العالم، حتى في الأدب.

اقرأ في النهار Premium