يُعرّف فيلم "ميوزيك باي جون وليامز" (Music by John Williams) بفنان يجهل كثيرون أيّ شيء عن سيرته رغم كونه "مؤلّف الموسيقى التصويرية لحياتنا" من خلال أفلام عدّة مثل "ستار وورز" و"إي تي ذي إكسترا تيريستريال" و"إنديانا جونز".
ويتناول الفيلم الذي خُصّص له افتتاح مهرجان "أميركان فيلم إنستيتيوت" الأربعاء في لوس أنجليس، قبل إتاحته اعتباراً من الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) على منصة "ديزني +"، مراحل مسيرة قائد الأوركسترا الأميركي الذي ألّف المقطوعات الموسيقية لعدد من أبرز الأعمال السينمائية الكلاسيكية، ومنها "هاري بوتر" و"شيندلرز ليست".
هذا الوثائقي هو أمر كان يحاول إنجازه "منذ مدة طويلة" مُخرجه الفرنسي الأميركي لوران بوزيرو الذي التقى الملحن الفائز بخمس جوائز أوسكار قبل 30 عاما، خلال إعداده أحد أفلامه عن مراحل تصوير أفلام سبيلبرغ أعمال سبيلبرغ.
في تصريح لوكالة "فرانس برس"، أكّد بوزيرو أنّ وليامز كان دائماً يرفض الفكرة، واصفاً إياه بأنه "شخص متواضع جدّاً (...) يُلهم الاستقامة"، و"لا يحبّذ كثيراً أن يُمدَح"، ولا "ينظر خلفه".
إلا أنّ خلفَ وليامز رصيداً مذهلاً من الإنجازات، من بينها 54 ترشيحاً لجوائز الأوسكار (وهو رقم لم يتجاوزه إلّا والت ديزني)، ووتلحين موسيقى أكثر من مئة فيلم روائي طويل، من بينها أفلام سبيلبرغ جميعها تقريباً، وتأليف موسيقى نحو 20 كونشيرتو كلاسيكي تعزفها فرق الأوركسترا في كل أنحاء العالم.
عازف الجاز على البيانو
ما كان من بوزيرو إلاّ أن طلب المساعدة من سبيلبرغ لإخراج جون وليامز من تحفّظه، معتقداً أنّ "الفرصة ليوافق ستكون جيدة إذا تولى ستيفن اقتراح الفكرة". اقتنع وليامز بالفعل بهذا "التحالف"، الذي انضمّ إليه بين آخرين المخرج رون هاورد، وهو أيضاً منتج. ويخبر جون وليامز في الفيلم عن أبرز ما ألّفه من موسيقى تصويرية، ومنها ما استوحاه من المشاهد وحدها من دون قراءة السيناريو، كما في "Jaws".
يروي الملحّن النيويوركي أيضاً عن طفولته، حين عاش في جو موسيقيّ إذ كان والده عازف درامز، وعن بداياته كعازف جاز على البيانو ومنسّق تلفزيوني، وعن وفاة زوجته الأولى الممثلة باربرا رويك، عن 43 عاماً، ومشاكله على رأس أوركسترا "بوسطن بوبس" في ثمانينات القرن العشرين.
كذلك يتحّدث وليامز في الوثائقي عن لقائه الحاسم مع ستيفن سبيلبرغ الذي عهد إليه قبل 50 عاماً بأول فيلم له على الشاشة الكبيرة "شوغِرلاند إكسبرس" (Sugarland Express)، وعرّفه إلى جورج لوكاس، مبتكر "حرب النجوم".
"ليس من هواة السينما"
وأدلى سبيلبرغ ولوكاس بشهادتيهما في الفيلم الوثائقي، ورويا كيف عزز جون ويليامز أعمالهما، فيما تناول مغنّي فرقة "كولدبلاي" كريس مارتن وعازف الكمان إسحق بيرلمان تأثير موسيقاه "الخالدة"، وفقاً لما أفاد لوران بوزيرو.
ورأى بوزيرو أنّ وليامز "ارتقى فعلاً بفنّ موسيقى الأفلام"، ملاحظاً أنّ هذا الفن "مهدَّد اليوم بالذكاء الاصطناعي" وأنّ "كثيراً من الناس، والعديد من الموسيقيين" يحتقرونه. واعتبر أنّ نقطة التحول كانت عام 1977، عندما أدّت أوركسترا لوس أنجليس للمرة الأولى في حفلة موسيقى "حرب النجوم".
ومن المفارقات أنّ جون وليامز "ليس من هواة السينما"، وفق لوران بوزيرو. وأوضح أنّه "ليس شخصاً يذهب إلى السينما" ولكنّه "في الواقع يحبّ كثيراً التأليف السينمائي" وخصوصاً "مخرجين كستيفن أو جورج لوكاس اللذين نشأت بينه وبينهما فجأة نوع من الكيمياء".
ووصف بوزيرو علاقة وليامز بسبيلبرغ خصوصاً بأنّها "فريدة من نوعها". وأضاف: "أحدهما يسمّي الآخر شقيقه (...)، ولا يوجد الكثير من الأشخاص لديهم هذا النوع من القصص".