النهار

مصطفى فهمي... جنتلمانٌ وسيم من أولى أدواره إلى نهايتها!
مصطفى فهمي... جنتلمانٌ وسيم من أولى أدواره إلى نهايتها!
مصطفى فهمي
A+   A-

بعد ساعات قليلة على رحيل الفنان حسن يوسف، صُدم الوسط الفني برحيل قامة أخرى من رموز الفن المصري وهو الفنان مصطفى فهمي عن 82 عاماً.

 

ورغم مسيرته الطويلة، كان مصطفى فهمي يعتبر نفسه، لآخر لحظة، هاوياً للتمثيل وليس محترفاً. هو يمثّل بالمشاعر وليس بالتكنيك، كما لم يهتم أن يكون الفتى الأول ولم تعنه أدوار البطولة المطلقة، ولم تشكّل مصدر انزعاج له يوماً، كان مقتنعاً بأنّ التمثيل أمام فنانين كبار حتى في أدوار ثانية أو ضمن بطولة مشتركة يؤدي إلى رفع أدائه وتعظيم مستوى العمل الفني ككل.  

 

قد يكون ظهور شقيقه حسين فهمي على الساحة قبله بنحو خمس سنوات قد حدّ من نجوميته، هو الذي حصد جزءاً وفيراً من النجومية، كما لم تكف وسائل الإعلام عن المقارنة بينهما، وفي مرحلة من المراحل كان الجمهور يخلط بين الاثنين بسبب التقارب الشكلي. 

 

لم يجتمع الشقيقان سوى في عمل واحد هو "الحفّار" ورفضا الاشتراك في أي أعمال أخرى، إذ كانت تُعرض عليهما أدوار نمطية لشقيقيين أحدهما شرير والآخر طيب.

 

جمع مصطفى فهمي بين الملامح الأرستقراطية والوسامة، وهو ما حصره في أدوار بعينها فرضتها ملامحه ووسامته، حتى أدوار الشر التي لعبها كان فيها "الشرير الجنتلمان"، فضلاً عن ظهوره  خلال مرحلة متخمة بكبار النجوم في فئته العمرية نفسها، فأسندت بطولة الأفلام ذات القيمة االعالية لنجوم الصف الأول مثل نور الشريف وعادل إمام وشقيقه حسين فهمي وغيرهم، بينما لم يكن له هو النصيب البارز في البطولات الأولى.

 

 

ممثل بالصدفة
لعبت الصدفة دوراً مهماً في دخول الفنان مصطفى فهمي حلبة التمثيل، وهو الآتي من خلف الكاميرا وكواليس التصوير، إذ جاءت بدايته كمساعد لمدير التصوير الكبير عبده نصر في عددٍ من الأعمال مثل فيلم "النداهة" و"الشيماء" و"أميرة حبي أنا".

 

وخلال أحد الأيام  بينما كان خارجاً لتوّه من مشاهدة "خلي بالك من زوزو"، قابل عبده نصر بصحبة المخرج عاطف سالم الذي عرض عليه التمثيل، وألح عليه في الموافقة وأقتعه بذلك، ليبدأ خوض تجربته التمثيلية من خلال فيلم "أين عقلي" مع سعاد حسني ورشدي أباظة ومحمود ياسين.

 

تمتع مصطفى بالملامح الجذابة والرشاقة والانطلاق، وظلّ متميزاً بها حتى آخر عمره، إذ لم تتأثر وسامته بعوامل السن والمرض، ولم يتوارَ عن الساحة الفنية، فاشترك في كثير من الأعمال مع النجوم الشباب وجيل الوسط مثل هند صبري ودينا الشربيني وأحمد  السقا وحسن الرداد، كما كان وجهاً مميزاً في الإعلانات التلفزيونية، آخرها إعلان إحدى شركات التطوير العقاري لأحد أرقى الكومباوندات في مصر خلال رمضان الماضي. 

 

مرت مسيرته الفنية بمرحلة اضطر خلالها للمشاركة في بطولة عدد من أفلام المقاولات التي انتشرت خلال فترة سبعينات القرن الماضي وثمانيناته، والتي اتسمت بكونها دون المستوى الفني، رغم أن مصطفى فهمي يعترف بأنه أسقطها من ذاكرته،  لكن لا يبدي ندمه بشأن خوض تلك التجرية، بل يعتبرها  مرحلة ضرورية في حياته ليحقق الانتشار والحضور آنذاك.

 


 

بين الدراما والواقع
رغم مشاركة مصطفى فهمي في بطولة الكثير من الأفلام السينمائية، لكنّ تجربته التلفزيوينة تظل أكثر ثراءً، وكشفت عن حجم أكبر لموهبته وتركت البصمة المميزة لدى جمهوره. ويعد مسلسل "دموع في عيون وقحة" أمام عادل إمام، إحدى تجاربه التلفزيونية المهمة، رغم خشيته خوض تلك التجربة معتذراً عنها مرات عدة  لتخوفه من القيام بدور ضابط موساد فيحصد كراهية المشاهدين ويفقد المساحة التي حقهها جماهيرياً وهو في بداية مسيرته الفنية. 

 

قدم مصطفى فهمي ثنائياً تلفزيونياً ناجحاً مع الفنانة إلهام شاهين، عبر أعمال عدة بينها "قصة الأمس" و"قضية معالي الوزيرة"، ويعتز بتجربته معها ويرى أن بينهما تناغماً في تلك الأدوار. ويأتي مسلسل "قصة الأمس" الذي ناقش قضية اجتماعية عميقة ومعقدة تتعلق بالغربة والزواج الثاني، كأحد أفضل أدواره وأكثرها جماهيرية، ويعد مفصلياً في مسيرته أوصله إلى مرحلة من النضج  الفني لم يبلغها في أعمال أخرى، فلم يقدم مجرد تمثيل بل أظهر الكثير من أحاسيسه وتعبيراته، واعترف مصطفى بذلك قائلاً:" لم أقتنع بنفسي مع كل المسلسلات التي شاركت بها إلا في "قصة الأمس"، إذ شكل خطوة مهمة في تاريخي الفني".

 

مرت حياته الشخصية بزيجات عدة، في بداية حياته ارتبط بفتاة إيطالية ثم تزوج من الفنانة رانيا فريد شوقي، وكانت تجريته الأخيرة مع المذيعة اللبنانية فاتن موسى ووقع الطلاق بينهما عام 2021 وشكل طلاقهما مادة دسمة للقنوات التلفزيونية والمواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي بسبب المشكلات التي عصفت بعلاقتهما.

 

عانى مصطفى فهمي أزمة صحية خلال الفترة الأخيرة، إذ خضع قبل شهور لجراحة دقيقة في المخ بغية إزالة ورم. لكنّ حالته الصحية تدهورت أخيراً ليرحل عن عالمنا صباح اليوم. 

 

اقرأ في النهار Premium