"فيلوكاليَّا" تختتم "عاشرة سعيد عقل"
في بادرة ثقافية أَدبية جامعة من "جمعية ومعهد فيلوكاليَّا"، اختتَمَت في مركزها (دير الزيارة - عينطورة كسروان) الذكرى العاشرة لغياب سعيد عقل، باحتفالٍ أَداره الشاعر هنري زغيب في ثلاث ندوات منبرية وأُمسية أُوبرالية من شعر صاحب "رندلى".
افتتحَت الاحتفال رئيسةُ الجمعية والمعهد الأُخت مارانا سعد بكلمة جاء فيها: "اجتماعُنا اليوم ليس مجرَّد وقفة على عتبة الذكرى العاشرة، بل هو تأْكيد على أَنَّ إِرث سعيد عقل الأَدبي والفكري لا يزال حيًّا بيننا ويُلهمُنا ويحفِّزُنا على اكتشاف المزيد من جمال لُغتنا وأَصالة هويتنا"... "هكذا وقفتُنا اليوم: تجديدٌ لرسالة سعيد عقل أَن نحلم بلا حدود، أَن نحب بلا خوف، وأَن نَصنع من المستحيل ممكنًا".
لبنان سعيد عقل
الندوة الأُولى كانت بعنوان "لبنان سعيد عقل"، شارك فيها الشاعر سهيل مطر، ومما قال: "سعيد عقل كُلٌّ لا يتجزَّأ. إِنه واحدٌ أَحدٌ في جميع كتُبه وكتابات ومحاضرته. كان مؤْمنًا بلبنان الوطن الواحد، مساحة حب قبل أَن يكون مساحة جغرافيا. وهو رسالة حضارة وفن وجمال. وهو واحدٌ موحَّدٌ لا يُقسَّم... هل مات سعيد عقل؟ لا، وهو القائل: "أَقول الحياة العزم، حتى إِذا أَنا انتهيتُ تَولَّى القبرُ عزميَ من بعدي". وختم الندوة الأُولى الشاعر حبيب يونس، فتحدَّث عن ثلاثة: "ثالوث لبنان القصيدة" (من ملحمة "قدموس" إلى قصائد المنابر، إِلى قصائده في لبنان الذي أَحبَّ، وكلُّ بيت من قصائده تاريخ ومدرسة وطريق حياة)، "ثالوث لبنان البدايات الثلاث" (العنبر، قانا، الأبجدية)، و"ثالوث الشخصية الأُمَّويَّة اللبنانية" (منخلال ثالوث الأُمَّويَّة واللُّغة والحرف).
نايات إلى إِيل
الندوة الثانية كانت عن علاقة سعيد عقل بالله من خلال ثلاث قصائد له، تحدَّث فيها ثلاثة كهنة: الأَب يوحنا جحا (حلَّل قصيدة "ربي شو لَونُن عينيك؟")، الأَب جوزف دكاش (حلَّل قصيدة "ليلةْ اللي إِنت وصلْت")، الأَب فريد صعب (حلَّل قصيدة "بتمرُق يا ربي عَ الدني"، وأَتبعَها قصيدة "بتعرف يا ربي"). وتميَّزت هذه الندوة بدخول الآباء المحاضرين في العمق إِلى لاهوت سعيد عقل المرتكز على معرفة الله الذي هو الكمال المطلق والجمال المطلق والحب المطلق، وهو ما ظهر في معظم قصائده المنفصلة، كما في مقاطع عدة من رائعته "قدموس"، ومنها في صلاة مِرى: "أَعطنا ربِّ قبل كلّ عطاءٍ أن نحطَّ التفاتة في سناكا... كلُّ ما دون وجهك الجَم وهْمٌ، أَعطِنا ربِّ، أَعطِنا أَن نراكا".
سعيد عقل والجيل الجديد
الندوة الثالثة استطلعت رأْي الجيل الجديد في سعيد عقل: كيف يراه، لماذا يقرأُه، ما هو تأْثيره فيه. تحدثَت في الندوة القانونية جنى سلُّوم عن الفكر السياسي لدى سعيد عقل، وكيف شاءَ أَن يُبنى لبنان على أُسس وطيدة. وتحدَّث المحامي جان بيار خليفة عن الاقتصاد السياسي في كتابات سعيد عقل ومحاضراته، من خلال مشاريع خطَّط لها، بينها: التعليم المجاني، المشروع الأَخضر (تنفيذه في 3 سنوات فقط)، الاقتصاد المحرِّر (ادِّخار المواطن مبلغًا لوقت الشدائد)، محو الأمية، مشروع 200 بعلبك، مشروع قانا الجليل. وختمت الندوةَ الأَكاديميةٌ باميلا شربل متحدثة عن تدريسها فكرَ سعيد عقل التعليمي والتربوي، كيف يعمل فكره على نحت العقل وتجويد المعرفة، وهي هذه رسالة سعيد عقل في قصيدته عن المعلم: "قرأْتَ كتاب المجد سطرًا محا سطرا، معلِّمُ، عُد فاكتُبْه أَجملَ ما يُقرا". وتحدثَت عن رأْي سعيد عقل في أُقليدس، وعن رسالة المعلِّم في خلق الجمال.
قصائد من دفترها
تتويج الاحتفال كان بأُمسية غنائية من شعر سعيد عقل في "قصائد من دفترها" و"أَجراس الياسمين" ورندلى"، صاغ أَلحانَها المؤَلف الموسيقي إِياد كنعان (المدير الفني في "فيلوكاليَّا)، أَدَّتها السوبرانو هيفا يغيايان ورافقتْها عزفًا على البيانو زينة العلم.
وبالعودة إِلى عنوان الاحتفال "لبنان حلم سعيد عقل"، أَدَّت "جوقة فيلوكاليَّا"، بقيادة رفقة يوسف، أُغنية "عمبحلمك يا حلم يا لبنان" التي لـحَّنها الياس الرحباني وغنَّتْها ماجدة الرومي.
في ختام الاحتفال أَعلنَت الأُخت الرئيسة مارانا سعد عن تأْسيسِ "صالون فيلوكاليَّا الأَدبي"، وإِيكالِ إِدارته إِلى الشاعر هنري زغيب، وانطلاقِ ندواته الشَهرية في كانون الثاني بمئوية ولادة منصور الرحباني (1925-2025).