عن منشورات رامينا في لندن، صدرت حديثاً رواية "أنامل العدالة" للروائيّة السوريّة منهل السرّاج. تتحدّث الرواية عن جوانب من الحياة الاجتماعية في سوريا، من خلال شخصيتي الأختين هند وحسناء اللتين تبدوان على طرفي نقيض من بعضهما بعضاً، كأنّ الحسن يظهر حسنَه الضدّ. كلّ واحدة منهما تسعى بطريقتها الخاصّة لتحقيق ما تراه عدالة في مسارات تتناوب بين الأمل واليأس، وبين الحلم والكابوس.
تمتزج في "أنامل العدالة" الصراعات الشخصيّة بألوان العدالة والخيانة في عوالم العلاقات الإنسانية، بحيث تدفعنا للتأمّل في معنى العدالة المفقودة والسعادة المنشودة. وتستخدم الشخصيات والأحداث كمرآة لتعكس التناقضات في المجتمع السوري. من خلال الحوار الداخلي للشخصيات، تطرح السراج تساؤلات حول المعاني الحقيقية للعدالة وكيفية تحقيقها في واقع مليء بالتحديات.
تتداخل الأحداث وتتشابك العلاقات الاجتماعيّة والأسريّة. تكتشف هند أنّها تعيش مسكونة بمشاعر خيبة مكتومة، وتجد في نفسها رغبة عارمة لتغيير الواقع. لكن هل يا تُرى ستتمكّن من تحقيق العدالة؟ وهل ستجد السعادة في حياتها؟
رغم أن أحداث الرواية تجري في سوريا، إلا أن قضاياها تمتد لتلامس القضايا الإنسانية العالمية، مثل الصراع بين الخير والشر، والسعي نحو العدالة في وجه الظلم. تقدم السراج رؤية نقدية للعلاقات الاجتماعية والسياسية، وتدعو القارئ للتفكير في كيفية تأثير هذه العلاقات على الأفراد والمجتمعات.
تعتمد السراج على الوصف الدقيق والتفاصيل الحية لتبني عالماً روائياً يجذب القارئ من الصفحة الأولى. توازن بين السرد والوصف والحوار، ما يجعل النص مشوقاً ومؤثراً.
تغوص الرواية في البعد النفسي للشخصيات، مستكشفة مشاعرها وأفكارها الداخلية بأدق التفاصيل. تصور الصراعات الداخلية والتوترات النفسية التي تعانيها الشخصيات، ما يضفي على الرواية عمقاً إضافياً ويجعلها تعبيراً حقيقيّاً عن التجربة الإنسانيّة.
هذه الرواية ليست مجرّد حكاية عن شقيقتين، بل هي غوصٌ في أعماق الشخصيّات، حيث يصطدم الخير والشرّ في معركة مستمرّة، وهي كذلك دعوة لاكتشاف جوانب مظلمة ومشرقة في الحياة، واستكشاف التناقضات التي تمثّل جوهر الإنسان، محفّزة إيّاه على التفكير في أعمق معاني العدالة والحقيقة في عالم متغيّر ومتناقض.
يشار إلى أنّ الرواية جاءت في 154 صفحة من القطع الوسط، ولوحة الغلاف للفنّان التشكيليّ الكرديّ عنايت عطّار.
تعريف بالمؤلّفة:
منهل السرّاج، كاتبة وروائية سوريّة مقيمة في استوكهولم منذ 2006. تخرّجت في كلّية الهندسة في جامعة حلب سنة 1988. نشرت أعمال روائية وقصصيّة عدة منها: "تخطّي الجسر"، "كما ينبغي لنهر"، "جورة حوا"، "على صدري"، "عصيّ الدم"، "صراح"، "الوشم"، "لا تذرني فرداً".