رفعت هيئة المسرح والفنون الأدائية في السعودية الستار عن أكبر أوبرا باللغة العربية، تستعيد أحداثاً تاريخية قبل 15 قرناً، كانت نجمتها "زرقاء اليمامة"، إحدى أشهر النساء في الجزيرة العربية.
العمل الذي يحمل اسم "زرقاء اليمامة" هو أول أوبرا سعودية، ويخلط اللغة العربية في الأوبرا، لتشكل مرحلة جديدة للثقافة السعودية، عبر أوبرا سعودية بنكهة عالمية، يؤمن أصحابها بأنها ستكون في مصاف أشهر الأوبراليات المعروفة.
وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة المسرح والفنون الأدائية سلطان البازعي بأن أوبرا زرقاء اليمامة تجسد أشهر حكايات موروثنا القصصي والثقافي على خشبات المسارح بأعمال نوعية حسب أعلى المعايير العالمية، كاشفاً لـ "النهار العربي" بأن اختيار شخصية زرقاء اليمامة جاءت لقدرتها على البصر والبصيرة، فهي امرأة تتسم بالحكمة، ودورها يبرز مكانة المرأة في الشرق، عبر قصة ملهمة على المستوى الإنساني، لم تروَ فنياً من قبل.
وتنطلق أوبرا زرقاء اليمامة خلال الفترة المُمتدة بين 25 نيسان (أبريل) الجاري و4 مايو (أيار) المقبل، على خشبة مسرح مركز الملك فهد الثقافي بمدينة الرياض، وتضم مواهب من الأسماء البارزة في المشهد الموسيقي السعودي، ومن أبرزهم مؤلف النص صالح زمانان، ومشاركة عدد من الفنانين السعوديين في العرض.
وكشف البازعي خلال مؤتمر صحفي أقامته الهيئة بحضور عدد من الفنانين والمسرحيين والإعلاميين، بأن الإنتاجات الأوبرالية نادرة وقليلة، لأنها عمل معقد يضم تفاصيل كثيرة، لافتاً إلى أن الهيئة تعمل على هذا المشروع منذ ثلاث سنوات، إذ بدأت التعاقدات منذ عامين، مع فنانين وطاقم ينتمون لنحو 18 جنسية، لتقديم الأوبرا بصفتها فناً جديداً على الذائقة العربية. وستكون الأوبرا بلغة عربية للمرة الأولى في المنطقة، كما ستتوفر شاشات لنقل الحوار الشعري باللغتين العربية والإنكليزية، لحل معضلة عدم فهم الغناء الأوبرالي لدى بعض متذوقي هذا الفن.
ولم يستبعد رئيس الهيئة تأسيس عمل أوبرالي جديد من أرض المملكة العربية السعودية، كونها تستند على إرث ومخزون كبير من القصص والحكايا غير المروية، بالتزامن مع أعمال الإنشاءات التي تجري في الرياض وجدة لتأسيس داري أوبرا، في إطار تحقيق الأهداف الاستراتيجية للهيئة، ومستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة.
تجسد مأساة دامية
تستمد أوبرا "زرقاء اليمامة" قصتها وروحها ولغتها من ثقافة الجزيرة العربية؛ التي تمثّل المملكة العربية السعودية اليوم جل أرضها وحضاراتها، فيما تجسد الأوبرا بشكل ما مأساة دامية، تصوّر التاريخ القديم وترمز في الوقت نفسه لأحزان الإنسان المعاصر في العالم، دون أن تخلو من طيف الأمل، الذي يبشر بغدٍ مُشرقٍ ومزدهر.
وكان الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة المسرح والفنون الأدائية قد أعلن عن إنتاج هذا العمل الأوبرالي السعودي الأول والأضخم عربياً في السادس عشر من فبراير الماضي (2024) في العاصمة البريطانية "لندن".
وأشار البازعي إلى أن أوركسترا دريسدن سينفونيكر ستؤدي المقطوعات الموسيقية للأوبرا، بينما ترافق الجوقةُ الفلهارمونية التشيكية أحداث القصة الشيقة بأصوات مميزة، في الوقت الذي يضطلع فيه المخرج السويسري دانييل فينزي باسكا بمهمة إخراج الأوبرا بكامل تفاصيلها.
وقد ألف الأوبرالي العالمي لي برادشو ألحان هذه القصة الملحمية، مستلهماً في تلحينها بعض العناصر التراثية لصناعة عمل معاصر يجمع بين عناصر الأوركسترا والكورال، جنباً إلى جنب مع العروض الصوتية برفقة مغنِّين موهوبين.