حوّلت مكتبة مسجد الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي مفهوم الثلاجة من حفظ الطعام من التلف إلى حفظ الكتب. وخلال مشاركتها في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب في دورته الـ33، عرضت المكتبة للمرة الأولى هذه الثلاجة الموجودة فعلياً لديها منذ سنتين، والهدف منها حماية أوراق الكتب من التلف ومن الفيروسات التي تنتقل عبر الورق عند ملامسته من القراء، وكذلك لتنظيف الأغلفة والصفحات من التراب والغبار، وفق ما يقول ماجد الجناحي، الممثل الإعلامي للمكتبة في المعرض خلال حديثه مع "النهار العربي".
"تمتلك المكتبة مجموعة من الكتب النادرة يصل عددها إلى نحو 500 كتاب ذات قيمة تاريخية وتتمحور موضوعاتها حول حضارة العمارة الإسلامية في الشرق الأوسط وتاريخها وآثارها، بالإضافة إلى شبه الجزيرة الهندية، وإسبانيا وبلاد فارس. وتعد هذه المجموعة من الكتب النادرة التي يصعب الحصول عليها، إذ تعود إلى القرن السابع عشر ولم يبقَ منها في العالم سوى نسخ قليلة جداً، وتحفظ هذه الكتب في مكان خاص صُمّم للحفاظ عليها في مكتبة الجامع، وكل فترة نضع هذه الكتب في الثلاجة لصيانتها إلى جانب كتب أخرى، لكن هذه الكتب كونها قديمة جداً تحتاج لرعاية خاصة"، يقول الجناحي.
خيارات الثلاجة لحماية الكتب والبشر
تحتوي الثلاجة على مجموعة أزرار موجودة على بابها تساعد المسؤول عنها على استخدام الخدمة المحددة لتنظيف الكتاب، ومنها على سبيل المثال زر الأشعة فوق البنفسجية والمروحة، وهذه التقنية تساعد على إطالة عمر آلاف الكتب.
يضيف الجناحي: "باستخدام تقنيات متقدمة بالأشعة فوق البنفسجية، تعقّم الآلة الكتب بفعالية، ما يحمي المستخدمين من المخاطر الصحية ويحافظ على هذا الإرث التاريخي والثقافي للمجموعة النادرة. كما يحتوي الجهاز على مروحة تعمل على تعقيم كل الصفحات ونثر مادة كيميائية خفيفة وتنفخ الهواء الذي يتدفق بسلاسة على كل الصفحات المفتوحة لمدة دقائق، وهكذا يتم تعقيمها تعقيماً صحيحاً. هذه التقنية نستخدمها كل شهر تقريباً لكل كتاب لإطالة عمر الأوراق، ما يضمن بقاءها صالحة للاستخدام دون التسبب في أي ضرر".
فضلاً عن حماية الكتب من التلف وتغيّر ألوان صفحاتها مع مرور الزمن، تقضي الثلاجة أيضاً على الحشرات الصغيرة التي تأكل الورق، كما تبيد الجراثيم التي تسبب انتقال الأمراض عبر ملامسة يد البشر لها. وقد ظهرت الفكرة بعد جائحة كوفيد 19.
تنقسم الثلاجة إلى قسمين، القسم العلوي الذي يحتوي على مروحة، واستخدام الأشعة فوق البنفسجية. ويمكن لأي شخص فتح الباب، ووضع كتاب على دليل الحامل بالداخل. وبعد إغلاق الباب، يحتاج المرء إلى الضغط على خيار "الزر السريع" لعملية إبادة الجراثيم السريعة، والتي تستمر لمدة 30 ثانية، وثمة خيار الضغط على الزر "العادي" لعملية إبادة الجراثيم الكاملة لمدة دقيقة واحدة.
أما لتنظيف الكتاب من الأوساخ فتتم عمليات إزالة الجراثيم والغبار عن طريق الضغط على زر "ابدأ". ويمكن رؤية العملية من خلال نافذة صغيرة حيث يُضاء داخلها باللون الأزرق.
مقتينات نادرة جداً من المخطوطات والكتب
وتضمّ مكتبة الجامع مجموعة متنوعة من المصادر يصل عددها إلى ما يقارب الـ9 آلاف كتاب من الدّوريّات والمراجع والكتب المتخصّصة في الحضارة الإسلامية عامةً، وخاصةً في فنون العمارة الإسلامية كالخطوط العربية والمسكوكات الإسلامية القديمة والسجاد الشرقي وغيرها من المواضيع مكتوبة بأربع عشرة لغة حية.
كذلك تضم مجموعة من المخطوطات العربية النفيسة على شكل مصغرات فيلمية تزوّد الباحثين بالمعلومات في مجالات العلوم الإسلامية المختلفة كالسّير الذّاتية والحديث، والفنون الإسلامية، بالإضافة إلى نسخ من القرآن الكريم طبعت في أوروبا خلال الفترة بين عامي 1537 و1857، وتبلغ في مجموعها 50679 مصغّرة فيلمية.