سعياً لتسليط الضوء على قيمة التفكير والتحليل والاعتماد على الذات في حياة الأطفال واليافعين، يشارك بيت الحكمة في الدورة الـ15 من "مهرجان الشارقة القرائي للطفل" تحت عنوان "حيّ بن يقظان: مسيرة التنوير"، بالتعاون مع مكتبة قطر الوطنية، بهدف تعريف الأطفال واليافعين على واحدة من روائع الأدب العربي وهي قصة "حيّ بن يقظان" للأديب والفيلسوف الأندلسي ابن طفيل.
وفي حديثها لـ"النهار العربي"، تشير مديرة التخطيط الثقافي في بيت الحكمة فاطمة المحمود، إلى أنّ "هدفنا تثقيف الأطفال على الأدب العربي وأهميته وما هو الأثر الذي تركه في الثقافات المختلفة. ومن خلال مشاركتنا، سلّطنا الضوء على قصة حي بن يقظان التي تُعدّ من الروائع العربية الخالدة التي ألهمت أعمالاً عالمية شهيرة مثل "طرزان"، "كتاب الأدغال"، "روبنسون كروزو"، وفيلم "Cast Away"، وقد طُبعت هذه القصة ونشرت عدة مرات، كما تُرجمت إلى العديد من اللغات.
وفيما تعاون بيت الحكمة مع مكتبة قطر الوطنية في هذا الإطار، تقول المحمود: "خلقنا تجربة تفاعلية تعليمية للزوار الأطفال، تسلّط الضوء على خمس مراحل من حياة حي بن يقظان". كذلك، نظّم الجناح معرضاً مصغراً للكتب، يحتوي على كتب نادرة تابعة لمكتبة قطر الوطنية ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، وهي كتب قديمة لقصة حي بن يقضان، لكن بطريقة رقمية، وهي معروضة بخمس لغات منها العربية والإنكليزية والألمانية والفرنسية. ويعود تاريخ أقدم نسخة من هذه الروايات إلى عام 1721م.
أقسام تفاعلية للأطفال
تضمّن جناح بيت الحكمة خمس محطات من حياة حي بن يقظان، تبرز للأطفال جماليات القصة عبر أنشطة تفاعلية، إذ تبدأ رحلة الأطفال في محطة "الطفولة المبكرة والرعاية"، بعدها ينتقلون إلى محطة "التعلّم والتكيف"، ومن ثم إلى المحطة الثالثة وهي "الابتكارات والحلول"، وبعدها المحطة الرابعة وهي "التناغم مع البيئة"، وصولاً إلى المحطة الخامسة والأخيرة وهي "بلوغ الحكمة".
وبحسب المحمود، من خلال الأقسام التفاعلية هذه، يتفاعل الأطفال بشكل كبير مع القصة ويدخلون في عالمها وفي مختلف مراحلها، عبر أجزاء حية تجسّد هذه المحطات التي عاشها حي بن يقظان، من خلال الاستعانة مثلاً بلعبة تكوين الكلمات، وتصنيع الأدوات مثل الألعاب الخشبية.
وقالت المديرة التنفيذية لـبيت الحكمة مروة العقروبي: "ارتكزت مشاركتنا في مهرجان هذا العام على إيماننا بأهمية الأدب والفكر في تنشئة الأطفال، ولا شك في أن قصة حيّ بن يقظان وما لها من جذور تاريخية عريقة في تراثنا العربي والإسلامي تنمّي في أطفالنا مهارات التفكير العقلي والبحث والاستنباط، وتعرفهم على أهمية إعمال العقل والفكر والفطرة السليمة لاستخلاص النتائج المنطقية والاعتماد على الذات، وهذه أبرز السمات التي تجسدت في شخصية حيّ بن يقظان".
وأضافت: "تروي القصة حكاية طفل مفكِّر بالفطرة، وصل بمفرده وبعقله دون إرشاد معلم إلى معرفة أسرار الوجود والحياة، وهذا النموذج الرائد يلهم الأطفال لاستكشاف العالم من منظور مختلف، ويشجعهم على البحث والاستفادة من قدراتهم الكامنة، وإننا على يقين بأن لهذه القصة فوائد عظيمة في تنشئة الأطفال وتعزيز قيم الفكر والتحليل والاستقلالية في تكوين شخصياتهم".