ليس سراً أن المعارض التفاعلية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وسمات العالم الافتراضي باتت تستقطب المزيد من الزوار من جيل الشباب، كونها تتحدث بلغتهم وتقدم لهم ما يشغل خيالهم ويحاكي اهتماماتهم. انطلاقاً من هنا، جاء افتتاح معرض "بلا إطار" في لندن قبل سنوات قليلة، لكنه اليوم يحقق رواجاً كبيراً.
كما يوحي اسمه، استغنى المعرض عن اللوحات المثبتة على الجدران داخل إطارات، مستعيضاً عنها بتقنيات حديثة تعتمد على تحريك اللوحات وإسقاطها على الجدران والأسقف والأرضيات من حولك كزائر، مصحوبة بموسيقى تصويرية.
ببساطة، يدخلك المعرض فعلياً إلى أهم اللوحات العالمية لتصبح جزءاً منها لا متفرجاً فقط. وهكذا فإنّ كل غرفة من غرف المعرض الأربع تدخلك إلى لوحة فنية لتتمشى فيها أو تجلس بداخلها، فتشعر كما لو أن الصور تغمرك تماماً.
تتميز كل غرفة في المعرض بأسلوب وموضوع مختلفين. ففي إحدى الغرف التي سُميت بـ"ما وراء الواقع"، تلتقي اللوحات السريالية في بوتقة معاً، لوحات مثل الساعات الذائبة الشهيرة لسلفادور دالي ولوحات ماكس إيرنست الكابوسية مع لوحة الصرخة لإدفارد مونش.
وفي غرفة أخرى بعنوان "اللون في الحركة"، تنبض ضربات الفن الانطباعي بالحياة، فيتفاعل الزائر مع اللوحات حيث تتناثر ضربات الفرشاة من حوله فيشهد على إعادة رسم لوحات فان غوغ الشهيرة، قبل أن تتحول إلى لوحة "حديقة بوجيفال" للفنان موريسو، ولوحات عالمية أخرى، فتجد نفسك بين الأمواج تارة، والحقول تارة أخرى.
وهكذا يستمرّ الزائر بالتنقل داخل 42 لوحة فنيّة عالمية في تجربة تأسر خياله تماماً وتنقله من واقعه إلى عالم اللوحات الافتراضي، لفترة من الوقت.
في هذا السياق، يقول القيمون على معرض "بلا إطار" إنهم يريدون تغيير الطريقة التي يختبر بها الناس الفن، وأن يستقطبوا الأشخاص الذين قد لا يذهبون بالضرورة إلى معرض أو متحف، كي يشعروا بقوة الأعمال الفنية. وبذلك، فإنهم ينقلون اللوحات إلى جمهور جديد تماماً. وهكذا يفقد الزائر نفسه في حديقة الملذات الأرضية لهيرونيموس بوش، أو في استكشاف ساحة سان ماركو لكاناليتو، أو داخل لوحات شهيرة تحمل توقيع سيزان وكاندنسكي ورامبرانت وغيرهم الكثير. وفي الوقت نفسه، سيُفتن الزائر بالموسيقى التصويرية التي تم تأليفها خصوصاً للمعرض والتي تقدم تجربة غنية ومتكاملة.