أمام مئات آلاف الزوار، منهم 300 ألف صيني، كشفت الثقافة السعودية عن كنوزها وجمالياتها في معرضي بكين وسيول للكتاب، اللذين أقيما خلال الأيام الماضية، واختتم المعرض الكوري اليوم الأحد.
جناح المملكة العربية السعودية كان علامة فارقة في المعرضين اللذين تضمنا عروضاً أدائية، وتقديم الأطباق الوطنية، مع كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال بنكهة الكليجا والإقط والتمور والقهوة السعودية، إلى جانب ندوات حوارية، وعروض للأزياء والآثار والحرف اليدوية.. فكيف تلقى الصينيون والكوريون ثقافة السعوديين؟
ثاني أكبر معرض للكتاب في العالم
أولى محطات السعوديين كانت في العاصمة الصينية بكين، خلال الفترة من 19 إلى 23 حزيران (يونيو)، فقد شاركوا بجناح بصفة المملكة ضيف شرف لدورة هذا العام، قدموا فيها 20 فناً أدائياً، و30 حرفة يدوية، إلى جانب ثماني اتفاقيات في صناعة الكتاب بين الناشرين السعوديين ونظرائهم الصينيين؛ أبرزها اتفاقية تعاون ضمن مبادرة (ترجم)، بين "دار مدارك" ومجموعة بكين للنشر، لترجمة كتاب "المدينة المحرمة: التاريخ الصيني منذ القرن الخامس عشر" وكتاب "الحكايات التاريخية لسور الصين العظيم".
وافتتح الجناح نائب سفير خادم الحرمين الشريفين في جمهورية الصين الشعبية علي العثمان ورئيس جمعية الناشرين الصينيين وو شولين؛ ويعد معرض بكين الدولي للكتاب ثاني أكبر معرض للكتاب في العالم، والمعرض الأكثر تأثيراً في الصين وقارة آسيا، وهو انطلق في عام 1986 بتنظيم من مجموعة الصين الوطنية للاستيراد وتصدير المطبوعات.
الثلاثمئة ألف زائر صيني حظوا بفرصة التعرف إلى فنون وتراث متنوعة، في تجربة ثقافية متكاملة قادتها هيئة الأدب والنشر والترجمة، بمشاركة مجموعة من الكيانات الثقافية ممثلة بهيئة التراث، وهيئة فنون الطهو، وهيئة الأزياء، ودارة الملك عبد العزيز، ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ومكتبة الملك عبد العزيز العامة، وجمعية النشر السعودية، إضافة إلى وزارة الاستثمار.
ووفقاً لهيئة الأدب والنشر والترجمة، فإن الجناح السعودي أسهم في تنمية الحوار بين الثقافات، وإبراز الجانب المعرفي والثقافي السعودي للجمهور الصيني، من خلال برنامج ثقافي تضمن 15 ندوة حوارية تحدث فيها 33 متحدثاً، استحضرت الثقافة السعودية وأثرها في الثقافة الصينية، بمختلف فنونها وجمالياتها، والموروث في الرواية السعودية والصينية، وتاريخ الحضارات، والتجارة والثقافة بين البلدين، والإرث الثقافي الوطني، إلى جانب إقامة الملتقى اللغوي السعودي الصيني. كما أقيمت على هامش مشاركة المملكة ليلة العشاء السعودي للاحتفاء بالأطباق الوطنية، بالإضافة إلى العروض الحية للخط العربي والنحت والحرف اليدوية، كذلك معرض للكتب والمخطوطات والقطع الأثرية المستكشفة على أرض المملكة، ومعرض مصاحب للأزياء التقليدية، ومعرض ثالث للآلات الموسيقية المستخدمة في الموسيقى السعودية.
وحظي المعرض بمشاركة جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية بجناح خاص في المعرض؛ وذلك إيماناً من المملكة بأهمية الثقافة والفنون والآداب في تعزيز التواصل الحضاري وتعميق التقارب الثقافي بين البلدين الصديقين.
أشهر معارض الكتاب في آسيا والعالم
وفي العاصمة الكورية سيوول؛ قدم السعوديون تجربة ثقافية حية، تعرف من خلالها الجمهور الكوري إلى الثقافة السعودية الزاخرة بفنونها وتراثها الأصيل.
وشاركت المملكة عقب معرض بكين، في معرض سيوول الدولي للكتاب، الذي يعد من أشهر معارض الكتاب في آسيا والعالم، انطلق محلياً عام 1954، ثم تطور إلى معرض دولي عام 1995، بتنظيم جمعية ثقافة النشر الكورية، ويشارك فيه هذا العام حوالي 90 مؤسسة وشركة للنشر من 19 دولة، إلى جانب 350 دار نشر كورية.
وتلقى الجمهور الكوري الثقافة السعودية بترحاب كبير.
نتاج ثقافي غني
شاركت المملكة ضيف شرف لدورة هذا العام الـ66، وعلى مدى خمسة أيام، اختتمت اليوم، قدمت ما تمتلكه من نتاج ثقافي غني، واستعرضت جوانب مختلفة من ملامح الثقافة، عبر تجربة متكاملة تقودها هيئة الأدب والنشر والترجمة، وبمشاركة دارة الملك عبد العزيز، ومَجْمَع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء).
وفي مجمع كويكس للمؤتمرات والمعارض جنوب العاصمة الكورية، شاركت هيئة الأدب والنشر والترجمة بجناح، شاركت فيه هيئة التراث، وهيئة الأزياء، وهيئة الأفلام، وهيئة فنون الطهو، ودارة الملك عبد العزيز، ومَجْمَع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ومكتبة الملك عبد العزيز العامة، ومكتبة الملك فهد الوطنية، وجمعية النشر، بالإضافة إلى وزارة الاستثمار.
ومثلما قدمت لليلة للعشاء السعودي في بكين، قدمت الهيئة ليلة مماثلة في سيوول، ودشنت في المعرض "كتاب المعلقات باللغة الكورية"، والذي يعد نتاج تعاون مثمر بين مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) وهيئة الأدب والنشر والترجمة، فيما أطلق مَجْمَع الملك سلمان العالمي للغة العربية مشروعاً للغة الضاد.
وبالإضافة إلى الأداء الحي للفنون الأدائية التقليدية، وعروض الكتب والقطع الأثرية، تناولت الندوات التي شارك فيها أدباء سعوديون تاريخ المملكة وآثارها، والشعر وما يمثله عند العرب، والرواية السعودية، وسُبل تفعيل التعاون والدمج بين الفنون الغنائية الكورية والعربية، وكذلك إسهام اللغة في نقل القيم الثقافية والتقاليد والأعراف المجتمعية وتشكيل الهوية، والسمات المشتركة بين اللغتين والثقافتين الكورية والعربية، والتفاعلات التاريخية والمعاصرة بين الثقافتين، بما في ذلك التجارة والسفر والتبادلات الثقافية وتأثيرها على اللغة.
يشار إلى أن المملكة العربية السعودية حلت هذا العام ضيف شرف في معارض الكتاب في نيودلهي، وبكين، وكوريا الجنوبية، في إطار سعي وزارة الثقافة لتعزيز التبادل الثقافي الدولي، وكذلك تعزيز الحوار بين الثقافات والصداقة مع دول آسيا.