النهار

الروائي السّعودي أسامة المسلم: صار معيباً أن نكون بشراً
الرياض - جهاد أبو هاشم
المصدر: النهار العربي
قال الروائي السعودي أسامة المسلم إن في الرواية قيم وخبرات ومعرفة، لكن المتعة صعبة المنال، وجميل أن يجد الإنسان مصدراً من مصادرها في الرواية، "وليس عيباً أن نستمتع".
الروائي السّعودي أسامة المسلم: صار معيباً أن نكون بشراً
الروائي السعودي أسامة المسلم
A+   A-
فجّر الروائي السعودي أسامة المسلم تصريحاً مثيراً خلال حلقة نقاشية شهدها معرض المدينة المنورة للكتاب 2024، أكد فيه أن الروايات تقدم شخصيات ناقصة، تفشل وتنجح كحال الإنسان، في حال صراع دائم، بخلاف الإنسان على أرض الواقع الذي يظهر ما لا يبطن، ليظهر لدينا "الإنسان المزيف"، كاشفاً: "في هذا الزمن أصبح معيباً أن نكون بشراً، والرواية يمكن أن تعيدنا إلى الواقع، وتكشف طبيعتنا الإنسانية الحقيقية، لا سيما أن الواقع أصبح غريباً أكثر من الخيال، وهو أحق بتصويره في القصص والروايات".
 
وكان المعرض قد شهد حالة من الازدحام الشديد عند منصة التوقيع، للحصول على إهداء أو توقيع لإحدى روايات المسلم الثلاثين، في حالة شبيهة لما حدث من ازدحام في معرض الرباط الدولي للكتاب في المغرب، في أيار (مايو) الماضي، والذي شهد بعض حالات الإغماء.
 
 
 
 
الخيال يحقق المستحيل
يشير المسلم، الروائي البالغ من العمر 47 عاماً، إلى أنه عبر الرواية أو القصة المتخيلة، يمكن المرء أن يرى مستقبله لو سار في هذا الاتجاه، "وأؤكد هنا أهمية الرواية وفائدتها، إذ لا يوجد كتاب علمي منهجي يوفر لك قيمة إنسانية مثل الرواية".
 
وأضاف في جلسة نقاشية بعنوان "خيال وواقع: التقاء الخيال بالواقع" ضمن البرنامج الثقافي لمعرض المدينة المنورة للكتاب، الذي يقام بنسخته الثالثة خلف مركز الملك سلمان للمؤتمرات بالمدينة المنورة، أن الخيال نوع من إقناع العقل على تحقيق المستحيل، "مثل الطيران الذي كان في وقت من الأوقات مستحيلاً، لكنه بات حقيقة بفضل الخيال المحفز على الإبداع، فالخيال ليس أكاذيب منمقة سهلة الاستماع، لكن يمكنها أن تلهم الآخرين لتطوير الذات والمهارات الإنسانية، مثل الرسم".
 
وبحسب المسلم، لدى كل إنسان مهارة يبدع فيها، "والخيال يجعلنا نضع تصوراً لهذه المسيرة، وكيفية البحث والسعي وراء هذه الأحلام لتحقيقها، شرط أن يكون في حدود قدرات الفرد، وواقعياً، وفي متناول اليد. فالشاب حين يغير تخصصه في الجامعة، فإنه يحتاج إلى التخيل للتنبؤ بما سيحدث له لاحقاً، وتحديد الخيارات المستقبلية المتاحة لديه، والقيود المحيطة به، والمخاطر، والمجازفة التي يمكن أن تنتهي بمستقبل أفضل".
 
كانت القصص عبر التاريخ الوسيلة لنقل المعلومة أو القيمة، لأنها تعتبر إناءً سهلاً للتداول. ووفقاً للمسلم، الروائي والقاص الذي يستخدم عبارة "عزيزي القارئ استخدم كذا وكذا" فهو يستخدم خطاباً غير مستساغ، داعياً إلى أن يترك للقارئ إمكانية الخروج بقيمه الخاصة ورؤيته عبر القصة الخيالية والحالمة، "فالقارئ ذكي ويمكنه أن يخرج بالخلاصة والقيمة الملائمة".
 
 
 
 
ليس عيباً أن نستمتع
وشهد المسرح الرئيسي للمعرض اكتمال طاقته الاستيعابية بالجمهور، بحضور "النهار العربي"، حيث تناول المسلم في حديثه كتابة القصة والرواية في ضوء الخيال، وقال: "يمكن أن تكتب قصة تتضمن شخصية جيدة وأخرى سيئة، وكل شخص يختار من يمثله منها، وليس بالضرورة توجيه القارئ، بل وضع له حرية الاختيار، فلا يوجد شر مطلق وخير مطلق، ولن تجد إنساناً خيّر كلياً أو شرير على الإطلاق، ولكن القصة تمنحك المجال أن ترى عاقبتهما، لأن الرواية هي توجيه غير مباشر، سواءً مكتوبة أو شفهية، فالأمهات كن يروين قصصاً بعواقب وخيمة للتحذير، بدلاً من وضع التعليمات المباشرة، والتي قد لا تكون مستساغة للأبناء".
 
وبحسب المسلم، "الرواية ممتعة وفيها قيم وخبرات ومعرفة. لكن، المتعة بحد ذاتها شيء صعب المنال ومن الجميل أن نجد مصدراً من مصادرها في الرواية، وليس عيباً أن نستمتع، وهو شيء جيد لروحك وعقلك".
 
ووجه المسلم النصح إلى الكتاب الجدد، فقال: "اكتبوا ما تريدون وما تشاؤون، ولا تنجرفوا وراء فكرة أن الرواية لها قوانين لا يمكن كسرها، القوانين الوحيدة هي اللغويات، وغير ذلك عبّر كما تريد، فلا يمكن أن نحد الرواية بقوانين، فتكسر".
 
وعن روايته "خوف"، أكد المسلم أن الخوف أمر طبيعي وصحي جداً، والإنسان الذي يشعر بالخوف مريض، يحمينا أحياناً، له حدان مثل النار، يمكن أن نستفيد منها ونتدفأ بها، ويمكن أن نحرق أنفسنا بها، "فالخوف يجعلنا نحسب العواقب، والسيطرة عليه سهل جداً، وليس مفترضاً أن تكون شجاعاً دائماً، بل يجب أن يقترن الخوف بالحذر، وهو ليس صفة مذمومة على إطلاقها؛ بل هي شعور طبيعي يجب ألا يكون معيباً".
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium