تحت شعار "الرياض تقرأ"، يعود معرض الرياض الدولي للكتاب 2024، في دورة هي الأضخم في تاريخ المملكة العربية السعودية، بمشاركة أكثر من 2000 دار نشر من أكثر من 30 دولة.
اختارت هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية شعار "الرياض تقرأ" للمعرض (يُقام في حرم جامعة الملك سعود)، ليكون هو المعرض الثاني للهيئة التابعة تنظيمياً لوزارة الثقافة خلال العام، بعد معرض المدينة المنورة للكتاب، الذي اختتمت نشاطاته في شهر آب/ أغسطس الماضي، ويُنتظر أن تشهد المملكة معرضاً ثالثاً نهاية العام في مدينة جدة (معرض جدة للكتاب).
وأفاد الدكتور عبد اللطيف الواصل، المدير العام للإدارة العامة للنشر في هيئة الأدب والنشر والترجمة، لـ"النهار العربي" خلال الطاولة المستديرة التي عقدتها الهيئة أخيراً، بأنهم يدرسون إقامة معرض للكتاب جنوب المملكة، وتحديداً في جازان، بعد دراسة مدى مقدرة دور النشر السعودية والعربية والدولية للمشاركة فيه، ومواءمة مواعيده مع مواعيد معارض الكتاب العربية، سعياً إلى تعزيز الوعي والارتقاء بجودة الحياة، وجعل القراءة نمط حياة للسعوديين، وتعزيز المكانة الرائدة للمملكة في صناعة النشر وتنظيم معارض الكتاب.
تحلّ دولة قطر ضيف شرف المعرض هذا العام، وهي تقدم لزواره تجربة ثقافية مميزة تعكس منجزاتها الأدبية والفكرية، وموروثها الثقافي الأصيل وتاريخها وفنونها المتنوعة.
يستعرض الجناح إصدارات وزارة الثقافة القطرية ومخطوطاتها، بمشاركة رموز الثقافة القطرية والمواهب والمبدعين القطريين، ضمن برنامج ثقافي منوع وثري.
تكريم فني وثقافي
يحتفي المعرض بفقيد الثقافة السعودية والعربية وأيقونة الشعر الحديث الراحل، الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن، عبر ممرّ تكريميّ يحوي مجمل منجزه الأدبي والثقافي الخالد وإرثه الشعري الواسع، ويسلط الضوء على مسيرته الحافلة بالإنجازات وبصماته الملموسة في المشهد الثقافي السعودي والعربي.
يتضمن معرض الرياض الدولي للكتاب 2024 برنامجاً ثقافياً ثرياً، من أبرز ملامحه وجود ليلة طربية وندوة حوارية يشارك فيها الفنان العراقي الكبير سعدون جابر، مقدماً أنغامه العربية العالقة في الذاكرة، بجانب ندوة أخرى تُقام يوم 4 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، يتحدث فيها النجم المصري القدير يحيى الفخراني عن تجربته الممتدة في المسرح.
وفي الفن أيضاً، يتحدث النجم السعودي فيصل العيسى عن مسلسله التلفزيوني الأشهر "شباب البومب"، الذي تحول إلى فيلم سينمائي ناجح، حيث يكشف منتج وبطل العمل عن حجم الأرقام التي حققها، وأسباب الجماهيرية التي حققها.
وفي الجانب الأدبي، يتحدث في المعرض الروائي الشهير أسامة المسلم، المعروف برواياته في عالم الفانتازيا والتي بلغت نحو ثلاثين رواية، في ندوة تُقام في اليوم الخامس من المعرض حول "الفانتازيا والراوية".
بينما يتحدث القاص نايف الحمدان عن مصادر المعلومة في ندوة حوارية تحمل عنوان "هل الرياض تقرأ؟"، وذلك في سادس أيام المعرض (1 أكتوبر المقبل).
هذا بالإضافة إلى مشاركة الأدباء والباحثين مثل معجب العدواني، حصة المفرح، علي زعلة حول التاريخ المنسي، ودور الرواية في التأريخ الاجتماعي.
وكذلك يتحدث ﻛﺎﺗﺐ اﻟﺮواﻳﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ ﺟﻮﻧﺎﺛﺎن ﻓﺮاﻧﺰن عن تأملاته في العائلة والمجتمع والطبيعة، إضافة إلى ندوة حوارية تستضيف الكاتب والشاعر العالمي كوامي ألكسندر تتمحور حول الأدب وتأثيره في القرّاء.
ومن الإعلاميين، تحدث في المعرض الإعلامي القدير محمد رضا نصر الله، وذلك في اليوم الأول، ود. محمد العرب الذي يتناول أدب الموت والفناء، والمذيع القطري خالد جاسم، كما يخصص المعرض ندوة حوارية بضيافة الكاتب العالمي فريد زكريا، تسعى إلى فهم التحولات التي تشكل عصرنا.
من أبرز ندوات المعرض، ندوة تجمع الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وسماحة الشيخ محمد تقي العثماني المفتي في جمهورية باكستان، والعلامة اللبناني الشيخ علي الأمين، والدكتور قطب مصطفى سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، يتحدث عن وثيقة مكة التي وضعت عام 2019 وتتضمن 17 بنداً تؤصل قيم التعايش بين الأديان والأعراق والمذاهب المختلفة.
وفي اليوم السابع للمعرض، 2 تشرين/ أكتوبر المقبل، يتحدث الأمين العام للقمة الروحية الإسلامية في لبنان، الأمين العام للجنة الوطنية الإسلامية المسيحية للحوار، الدكتور محمد بن نمر السماك عن دور الأديان والثقافات في تعزيز التواصل بين العالم.
مسرحيتان.. وجوائز
في النسخة الجديدة من معرض الرياض الدولي للكتاب، يتجدد لقاء دور النشر مع جائزة المعرض، وفي ختام فعالياته، تقيم هيئة الأدب والنشر والترجمة حفلة توزيع جوائز المعرض، مثل جائزة التميز في النشر، وجوائز التميز في النشر لفئات الأطفال، المنصات الرقمية، الترجمة، المحتوى السعودي.
يقيم المعرض مسرحيتين على مسرح الشيخ حمد الجاسر في المدينة الجامعية للطلاب، في جامعة الملك سعود، المسرحية الأولى بعنوان "ذاكرة الشيطان"، من إخراج سماح الغانم، وتأليف عبد العزيز اليوسف.
تدور حول قصة فتاة مكتئبة من المجتمع بسبب قضاياه مثل العنف الأسري، وعدم التعامل الصحيح مع الحالات النفسية، وعدم احتواء الآخرين، ونظراً إلى تعاطفها الشديد مع ضحايا السخرية والتنمر تقدم على إنهاء حياتها، وترمي نفسها أمام قطار، لكنّ القدر يجمعها بمشرد ينام عند محطة القطار، يمنعها من القيام بذلك، فيدور بينهما حوار وجدال عن أهمية الحياة وفلسفة الوجود والتعامل.
أما المسرحية الأخرى "يا سلام سلم"، فهي من إخراج عبد الملك المزيعل، وتأليف فهد بن صالح الحوشاني، وفيها قصة صراع بين الطيبة والشر، وتستكشف فيها لماذا يحاول اللص الاستيلاء على أحد المتاجر بموافقة الحاكم الشريك.
يقيم "كتاب الرياض" 5 أمسيات شعرية، و50 ورشة عمل، وبرنامجاً للطفل يتضمن أنشطة تفاعلية ثقافية وترفيهية وتعليمية، مثل الطاهي الصغير وتصميم الأزياء، وصناعة الحكاية، والرسوم المتحركة، ومسرح الدمى، وتحديات أدبية متنوعة.
الرياض تقرأ الفرنسية
ووفقاً لبيان لهيئة الأدب والنشر والترجمة، ذكر رئيسها التنفيذي الدكتور محمد حسن علوان "نعمل وفق استراتيجية متكاملة تترجم رؤية وتوجيهات وحرص القيادة الرشيدة على تعزيز الريادة الثقافية للمملكة عربياً وعالمياً، وتحويل الثقافة لأحد أهم ممكنات النهوض بالوعي المعرفي والثقافي للمجتمع، ودعم اقتصاد الصناعات الإبداعية والفكرية، وتمكين صناعة النشر وتزايد حركة التأليف والترجمة السعودية، بما يسهم في الارتقاء بجودة الحياة، ودفع عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي الوطني لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة من رؤية المملكة 2030".
وأضاف أن المعرض يُعدّ تظاهرة ثقافية وفكرية سنوية بارزة في المنطقة تجسّد منذ عقود الإرث الثقافي للمملكة، وترسخ ريادتها في صناعة الثقافة وتصدير المعرفة، موضحاً أن نسخة هذا العام تشهد تطورات متعددة، أتت في إطار جهود الهيئة المستمرة لتطوير هذا الحدث وفتح آفاق ومجالات جديدة تعزز شمولية ما يقدمه لقطاع الثقافة والنشر محلياً وعربياً، مبيناً أن أبرز المستجدات تشمل استحداث منطقة أعمال متخصصة بمشاركة الوكالات الأدبية التي تدير أعمال المؤلفين وعقودهم، والمطابع المحلية التي تشارك للمرة الأولى في معارض الكتب المحلية لتقدم خدماتها للناشرين.
وحول مستجدات النسخة الجديدة، أكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة أن المعرض سيشهد عودة مبادرة "الرياض تقرأ الفرنسية"، التي انطلقت في النسخة الماضية، وجمعت عدداً من الناشرين الفرنسيين المتخصصين في مجالات متنوعة، وحققت تفاعلاً واسعاً وإقبالاً كبيراً من مختلف زوار المعرض.
يستمرّ المعرض على مدار 10 أيام (من 26 أيلول/ سبتمبر حتى 5 نشرين الأول/ أكتوبر) من الساعة 11 صباحاً حتى الساعة 12 منتصف الليل، ما عدا الجمعة من الساعة 2 مساءً حتى الساعة 12 منتصف الليل.