النهار

أفلام موسم العيد في مصر... بين وهم الإيرادات وحقيقة السّينما
وائل سعيد
المصدر: النهار العربي
​ راهن الموسم السينمائي المصري لعيد الأضحى وبداية الصيف على نجوم الصف الأول، وبرغم تزامن إجازة العيد مع امتحانات الثانوية العامة، شهدت قاعات السينما إقبالاً كبيراً تُرجمت إلى إيرادات مرتفعة، ذهبت نسبتها الأكبر لمصلحة فيلم واحد بتفاوت خرافي عن بقية الأفلام.
أفلام موسم العيد في مصر... بين وهم الإيرادات وحقيقة السّينما
الحفل الخاص بفيلم أولاد رزق
A+   A-
 
راهن الموسم السينمائي المصري لعيد الأضحى وبداية الصيف على نجوم الصف الأول، وبرغم تزامن إجازة العيد مع امتحانات الثانوية العامة، شهدت قاعات السينما إقبالاً كبيراً تُرجمت إلى إيرادات مرتفعة، ذهبت نسبتها الأكبر لمصلحة فيلم واحد بتفاوت خرافي عن بقية الأفلام. 
 
ولا شك بأن السينما تعتمد اعتماداً أساسياً على الجانب المادي، فلولا أموال الإنتاج ما كان لفيلم أن يخرج إلى النور، وهو ما فسح مجالاً كبيراً للتحكم التجاري في العملية السينمائية، ليصبح تفاعل شباك التذاكر صكاً للنجاح وتحقيق أعلى الإيرادات بمثابة برهان فني، لذلك لم يكن من الغريب أن يأتي فيلم "ولاد رزق 3" في صدارة التنافس هذا العام. 
 
لعبة الشباك والنجوم  
"أهل الكهف" فيلم للمخرج عمرو عرفة يتذيل قائمة الإيرادات، وهو ما كان متوقعاً على أي حال، حيث عانى الفيلم مشكلات عدة يأتي في مقدمتها المعالجة الساذجة التي صاغها السيناريست أيمن بهجت قمر عن مسرحية شهيرة بالاسم نفسه للأديب توفيق الحكيم المأخوذة في الأساس عن القصة الدينية المعروفة. اشترك في البطولة: خالد النبوي وغادة عادل ومحمد ممدوح وبيومي فؤاد وغيرهم، وقد تعرض الفيلم في السابق لفترات توقف طويلة وأزمات متباينة لعل الإنتاج كان من أهمها، مع هذا جاءت النتيجة النهائية مخيبة للآمال بإنتاج لا يتناسب مع مهابة العصر الذي تدور فيه الأحداث.    
يتجلى ذلك في كل عناصر العمل تقريباً من ديكور وإكسسوار وأماكن تصوير، بجانب الخدع السينمائية أيضاً وأعمال الغرافيك، ناهيك عن الافتقار الملحوظ في عدد المجاميع التي تعتبر بمثابة العمود الفقري للأفلام من هذا النوع. 
 
 
ولم تستطع عدسة مدير التصوير أو توجيهات وكادرات المخرج مداراة ذلك؛ خصوصاً مع مشاهد المعارك الحربية ومباريات المبارزة، التي لم يخرج بعضها عن الشكل الكاريكاتوري الهوليوودي، فنتابع القائدين "سبيل وبولا - خالد النبوي ومحمد ممدوح" وهما يتغلبان بمفردهما على مجموعة كبيرة من المبارزين، ولكن يتم كشفهما ويصدر الأمبراطور الروماني حكماً بإعدامهما داخل حلبة القتال.     
في المركز الثالث يأتي فيلم "عصابة الماكس" إخراج حسام سليمان وسيناريو أمجد الشرقاوي في تعاون ثاني مع بطل الفيلم أحمد فهمي، والذي كتب له في العام الماضي فيلم "مستر أكس". بمقارنة بسيطة لن تجد أي اختلاف في الأداء بين الماكس وأكس، ففي كلتا الحالتين لم يستطع فهمي تنويع انفعالاته بما يتطلب الدور أو الشخصية، وهو ما تكرر كثيراً خلال السنوات السابقة. 
 
في فيلمه الجديد يجسد فهمي دور "المكسيكي"، مهرب محترف يضطر إلى تكوين عصابة وهمية لتهريب مومياء فرعونية، ما يضعهم في مواقف وأحداث كوميدية متتالية.    
يشترك في البطولة روبي، لبلبة، أوس أوس، حاتم صلاح، والذي قدم أفضل أداء تقريباً ضمن طاقم التمثيل، تجدر الإشادة أيضاً بأداء روبي التي تخلت إلى حد كبير عن الافتعال كما ظهر في أدوارها السابقة. 
 
وفي العموم ربما يتميز هذا الفيلم بين مجموعة أفلام الموسم بالتسكين الجيد للشخصيات وتحريك أو تحفيز الممثلين رغم حداثة تجربة المخرج، وهو ما لم يتوفر مع تجارب أخرى مخضرمة، خصوصاً في ما يخص أداء التمثيل مثل فيلم "اللعب مع العيال" الذي يحتل المركز الثاني في الإيرادات. 
في "اللعب مع العيال" ينطلق شريف عرفة من منطقة التداعي والذكريات، وتحديداً من رصيده مع الفنان عادل إمام، وذلك بالاستعانة باسم فيلم أخرجه قديماً للزعيم بعنوان "اللعب مع الكبار 1991" سيناريو وحيد حامد، والذي لم يكن جيداً بأي حال من الأحوال، فكيف الحال مع فيلم مستنسخ بسيناريو مهترئ لم يكتفِ باستدعاء "اللعب مع الكبار" بل احتوى على أجواء من أفلام أخرى مثل "سفاح النساء" و"الإنسان يعيش مرة واحدة" و"شمس الزناتي"، الذي يقوم محمد إمام حالياً بتصوير الجزء الثاني من الفيلم الشهير لوالده. 
 
يشارك إمام الابن البطولة أسماء جلال، بيومي فؤاد، باسم سمرة، في واحد من أكثر أدواره استسهالاً في الأداء يكاد يصل إلى حد الاستخفاف، وهو ما صبغ غالبية الشخصيات في الفيلم على رأسهم البطل بالطبع، بما في ذلك الحبكة الدرامية المقحمة التي يدعيها السيناريو، ويبدو أن المخرج لا يزال واقفاً عند الصورة القديمة لبدو الصحراء في مصر، والتي لا تتناسب بأي حال مع عصرنا الراهن.   
 
 
 
 
يعتبر طارق العريان من المخرجين المهتمين بفترات تألق النجم واستغلال ذلك التألق في ضمان النجاح الجماهيري والاستحواذ على أعلى نسب لشباك التذاكر، وهو ما يمكن تتبعه في أفلام "السلم والثعبان" مع هاني سلامة في 2001، و"تيتو" في 2004 مع أحمد السقا" وغيرهما، وربما ليس للعريان الكثير من الأفلام، إلا أن معظمها حقق رواجاً كبيراً وقد تخطى الحدود كما يقال مع فيلمه الجديد "ولاد رزق... القاضية" الجزء الثالث من السلسلة الشهيرة.
يتناول الفيلم حكاية مجموعة إجرامية من الأشقاء يتزعمهم الأخ الأكبر "رضا" (أحمد عز). عُرض الجزء الأول عام 2015 وتلاه الجزء الثاني في 2019 وعبر هذه الثلاثية اشترك في البطولة عدد كبير من الممثلين على رأسهم "أحمد عز" البطل الرئيسي للحكاية – التجارية - التي صاغها السيناريست صلاح الجهيني، وبالمناسبة، لا تختلف هذه الحكاية مع عدد من الحكايات الأخرى كثيراً ما هاجمها الجميع في أفلام محمد رمضان، وما تروّج له بالاحتفاء بالصورة المبتذلة للبطل الشعبي. 
 
يتخذ المؤلف تيمة وحيدة كمفتاح لكل الأجزاء، حيث يتم الحكي عن طريق أحد الأشقاء وفي كل الحالات يكون الراوي محتجزاً، سواء في قسم شرطة أو عن طريق أحد الخارجين عن القانون من منافسيهم، فيما تدور الأحداث من خلال سيناريو متواضع يعتمد على البهرجة في الأساس، وهو ما اتبعه المخرج بالطبع، كما يفتقد للدراما المنطقية ولا يخلو من ارتباك ملحوظ، سواء في المتن أو التفاصيل. 
يُعد الفيلم باكورة إنتاج صندوق "بيغ تايم" التابع للهيئة العامة للترفيه وبرعاية رئيسها "تركي آل الشيخ"، ولا تخفى اللمسات –الكروية - للمستشار عبر الاستعانة بنجوم الأهلي في حملة الدعاية، وربما لم يخلُ سيناريو الفيلم نفسه من تلك اللمسات، ففي أحد المشاهد يُلقي "سيد رجب" (ضيف شرف) بأفيه يخص صراعات الناديين الأشهر "الأهلي والزمالك" حول صفقات لاعبي كرة القدم. 
 
تم تصوير بعض اللقطات بالتزامن مع فعاليات موسم الرياض في أكتوبر الماضي، وحُشد لحفل الافتتاح الخاص في السعودية عدد ضخم من النجوم والإعلاميين المصريين، مع وعد بتكملة السلسلة بأجزاء جديدة قادمة يأمل الشيخ أن تكون على قدر السلسلة الأميركية الشهيرة نفسها "المهمة المستحيلة".     
 

اقرأ في النهار Premium