عن الهيئة المصرية العامة للكتاب (سلسلة الإبداع العربي)، صدر حديثاً ديوان "عصافير" للشاعر اللبناني سلمان زين الدين. وفيه يجتاز الشاعر عتبة الماضي، ويبحر بالزمن عائداً إلى أمس بعيد، لا يزال عالقًا بذاته الشاعرة، أو لا تزال هي عالقة فيه، لكنه لا يحتكر الحنين، وإنما يهيئ القارئ لمشاركته الشعور نفسه، ويستنفر لديه طاقات التأمل، ليتفكر في رحلة أزلية تعبر المحطات نفسها، تنطلق من سعادة البدء، تنصاع إلى صيرورة المرور، ثم تنتهي بالذبول.
يمارس زين الدين حنينًا لطفولته، لظل الأمومة، لمباهج تساقطتْ على أرصفة الزمن، وفي زوايا الطريق، وبين أقدام العابرين. وبينما يفيئ للأمس، يتمرّد على الحاضر، وعلى قطيع اعتاد الخضوع؛ مهابة مجهول يحمل في جنباته الربيع. يقتفي أثر "غلغامش" ابتغاء الخلود، فيسكن القصيدة.
يكتشف مخبأ السعادة، التي تحتمي في الداخل، بعيدًا من الخارج، من جحيم الآخرين. ويهدي رحلته المسكونة بالحنين إلى "عَصَافِيرِ غَزّةَ / الذِينَ لم يتّسِعْ العَالَمُ لأجنِحَتِهِمْ / فرَاحُوا يُحلّقُونَ في العَالَمِ الآخَرِ".
ومن جو قصيدة "عصافير": "العصافير التي تسكن الحي / كجيران الرضى / آلتْ على نفسها / أن توقظ الحي على أصواتها / مُعفيةً من فرضه اليومي / طاووسَ الصياح / فغدا يغفو على الحلم بها ليلا / إذا نامت قناديل المساء / وغدا يصحو على تغريدها العذب / إذا ما استيقظتْ من نومها / شمسُ السماء / واستجابت لنداءات الصباح".
سلمان زين الدين، شاعر وناقد ومفتش تربوي لبناني، له 7 مجموعات شعرية، و10 كتب في النقد الروائي، وكتابان اثنان في الأدب الريفي.