نجحت البعثة الأثرية المصرية العاملة بموقع آثار تل حبوة (ثارو) في منطقة آثار شمال سيناء في الكشف عن بقايا مبنى مشيد من الطوب اللبن، يمثل إحدى الاستراحات أو القصور الملكية الواقعة بنطاق البوابة الشرقية لمصر، وذلك أثناء أعمال الحفائر الأثرية ضمن مشروع تنمية سيناء.
صرح بذلك د. محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مشيراً إلى أن الدراسات العلمية المبدئية التي تمت على اللقى الأثرية التي اكتُشفت داخل المبني أوضحت أن هذا المبنى يرجع إلى عهد الملك تحتمس الثالث من الأسرة الثامنة عشرة من عصر الدولة الحديثة، وأنه من المرجح أن هذا المبنى كان قد استخدم كاستراحة ملكية بسبب التخطيط المعماري للمبنى وندرة كسرات الفخار داخله.
وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أهمية هذا الكشف، حيث إنه يكشف النقاب عن المزيد من المعلومات الهامة عن تاريخ مصر العسكري خلال عصر الدولة الحديثة، لا سيما في سيناء.
ومن جانبه، قال د. هشام حسين، المدير العام لآثار سيناء والمشرف على البعثة الأثرية، إن المبنى المكتشف مكون من صالتين مستطيلتين متتاليتين، ملحق بهما عدد من الغرف.
البوابة الرئيسية للمبنى في جهة الشمال في المنتصف، وتؤدي إلى صالة أولى مستطيلة الشكل يتوسطها ثلاث قواعد أعمدة من الحجر الجيري، وتتصل الصالة الأولى بصالة أخرى أصغر مستطيلة الشكل لها مدخلان، الأول في جهة الشرق والثاني في جهة الغرب، وهما أقل عرضاً من المدخل الرئيسي للمبنى، وتتوسط الصالة قاعدتا أعمدة من الحجر الجيري قطر كل منهما متر، كما كُشف عن الأعتاب الحجرية الخاصة بالمداخل الرئيسية لتلك الصالة. وتؤدي الصالة الثانية إلى غرفتين منفصلتين، تقع الأولى تجاه الشرق والثانية تجاه الغرب، وتتصلان بالصالة الثانية عن طريق مدخلين في مقابل مداخل الصالة الثانية تقريباً.
ونجحت البعثة كذلك في الكشف عن الأعتاب الحجرية الخاصة بمداخل الغرف، بالإضافة إلى مجموعة من الغرف الصغيرة والملحقة بالمبنى من الخارج في اتجاه الشرق.
فيما أفاد مدير منطقة آثار شمال سيناء ورئيس البعثة رمضان حلمي بأنه تم تأريخ المبنى بناءً على تسلسل الطبقات والفخار المكتشف خارج المبنى، بالإضافة إلى العثور على جعران يحمل اسم الملك تحتمس الثالث، حيث من المرجح أن تكون الاستراحة استخدمت في فترة وجود الملك تحتمس بالمكان خلال قيامه بإحدى حملاته الحربية لتوسيع الإمبراطورية المصرية في اتجاه الشرق، مضيفاً أن المبني تم تحصينه في مرحلة لاحقة بسور محيط له بوابة رئيسية تقع تجاه الشرق.
الجدير بالذكر أنه خلال عصر الانتقال الثالث بداية من الأسرة 21 وحتى الأسرة 25، استخدم هذا المكان ككل (حبوة 2) كجبانة حيث كُشف عن مجموعة مختلفة الأشكال من الأمفورات محلية الصنع في تسلسل طبقي مختلف استخدمت لدفن الأطفال تؤرخ بداية من عصر الأسرة 21 وحتى الأسرة 25 تقريباً.
أما عن عمل البعثة خلال مواسم الحفائر السابقة بالموقع، فقد نجحت في الكشف عن دفنات داخل مقابر شيدت من بقايا أكتاف أبواب وكتل حجرية منقوشة بمناظر وخراطيش ملكية من عصر الدولة الحديثة، وتم تأريخ تلك المقابر والدفنات بعصر الأسرة السادسة والعشرين، ولكن بعد أعمال الموسم الحالي اتضح أن جميع الدفنات المكتشفة خلال الموسم الحالي والمواسم السابقة تؤرخ بعصر الانتقال الثالث. كما كُشف عن عدد من المباني الهامة في ثلاث طبقات متعاقبة تؤرخ جميعها بعصر الأسرة السادسة والعشرين، وودائع أساس تخص أحد تلك المباني (آخر الطبقات الأثرية بالموقع) وتشمل نموذجاً صغير الحجم للوحة من الفاينس تحمل اسم الملك أحمس الثاني والذي كان يعرف باسم أمازيس، وهو من ملوك نهاية الأسرة الـ26.