أطلق روّاد مواقع التواصل الاجتماعي عبر العالم حملة هي الأولى من نوعها، لمقاطعة المشاهير والنجوم من خلال "إلغاء متابعتهم" و"حظر حساباتهم" عبر منصات "السوشيل ميديا". الحملة لاقت رواجاً واسعاً وتفاعلاً كبيراً بين المتابعين، علماً أنّ الشرارة الأساسية بدأت في الولايات المتحدة حين شارك أحد مستخدمي "تيك توك" باسم "blockout2024" مقطعاً مدته 15 ثانية يجمع لقطات من حفل" Met Gala" مع تغطية إخبارية للحرب في غزة.
وبدا الفيديو كأنّه يحث المشاهدين على التوقف عن متابعة المشاهير والبدء في حظرهم بدلاً من ذلك. والمعلوم أنّ هذه الحفلة تُقام سنوياً بحضور أبرز مشاهير العالم، بهدف جمع التبرعات لمصلحة معهد آنا وينتور للأزياء في متحف المتروبوليتان للفنون في مدينة نيويورك.
تأتي حملة الحظر الأخيرة في إطار إظهار تأثير المتابعين على شعبية المشاهير، ومعاقبتهم على صمتهم، وتكبيدهم خسائر مالية كبيرة يجنونها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والإعلانات، وكمؤثرين يعيشيون حياة تتسمّ باللامبالاة والاستهتار بمعاناة غيرهم، يستعرضون فيها ضروب الرفاهية اليومية التي يعيشونها بعيداً في "أبراجهم العاجية" من هموم البشر العاديين المرتبطة بالحاجات الإنسانية الأولى، وضحايا الحروب -تحديداً- ما يجري في قطاع غزة المحاصر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحرب الإبادة الإسرائيلية بحق سكانه. حيث وصل عدد ضحايا المجزرة المرتكبة في القطاع حتى اللحظة ما يقارب الـ35 ألفاً جلّهم من النساء والأطفال.
"حفل أصم"
وصف بعض النقاد والمدونين لمعرض الأزياء "Met Gala" هذا العام الذي تبلغ تذكرة حضوره نحو الـ 75 ألف دولار بأنّه "أصم"، في ضوء الأحداث العالمية، لا سيما أحداث غزة، في ظل التفاعل العالمي -شعبياً- مع القضية الفلسطينية، في حين شبّه العديد من مُستخدمي منصّة "إكس" مشهد Met Gala" "، بأجواء البؤس المُنفرة في رواية سوزان كولينز، "The Hunger Games" التي تستطيع فيها قلّة من الأغنياء ارتداء ملابس فخمة، في حين أن العالم من حولهم يعاني من الجوع، فيما يشبه "الانفصال عن الواقع" والمشاكل الاجتماعية المحيطة بهم. فبينما كان الحاضرون في الـ"ميت غالا" يرتدون فساتين مثيرة مزينة بالكريستال والأزهار، كانت تجري احتجاجات وتظاهرات طلابية مؤيّدة لفلسطين على بُعد أبنية فقط في نيويورك.
ويقول صاحب الحساب في فيديو لاحق: "عندما نكرههم، فإنّهم يكسبون المال، وعندما نمدحهم، فإنّهم يكسبون المال، ولكن عندما نحجب حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي وننسى أسماءهم تماماً، فإنّهم يخسرون كل شيء".
ويتابع قائلاً: "إنّ مقدار الاهتمام الذي نمنحه لهم وحجم المشاركة التي نقدّمها لهم هو عملتهم المباشرة. خذها منهم".
هكذا أصبح هاشتاغ blockout2024 رمزاً لمعاقبة النجوم الذين يديرون ظهرهم لمآسي غيرهم من البشر، وممن لم يتحدثوا علناً عن حرب غزة عبر منصاتهم. وتحولت الحملة إلى ما يشبه "المقصلة الرقمية"، حيث عبّر بعضهم بالقول انّه حان الوقت لحظر جميع المشاهير وأصحاب النفوذ والأثرياء الاجتماعيين الذين لا يستخدمون مواردهم لمساعدة من هم في أمسّ الحاجة إليها.
وتستهدف الحركة أيضاً المشاهير وأصحاب النفوذ الذين يتعاونون مع العلامات التجارية والشركات الداعمة لإسرائيل، وتسعى للضغط عليهم لاتخاذ موقف بشأن القضايا الإنسانية وزيادة الوعي حول المعاناة في غزة.
"دعهم يأكلون الكعك"
حملت المغنية كاميلا كابيلو محفظة ثلج مصنوعة يدوياً بقيمة 22500 دولار في حفل خاص، وتضمنت المحفظة الجليدية، التي استغرق إكمالها 85 ساعة، وردة من الذهب الوردي عيار 18 قيراطًا مرصّعة في ألمانيا.
تأتي مظاهر البذخ هذه في وقت الذي يكافح مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال، من أجل تأمين وجبة واحدة يومياً، مع استمرار تفاقم سوء التغذية والأمن الغذائي في قطاع غزة الذي مزّقته الحرب.
كذلك، أثارت كلمات الفنانة الاستعراضية هايلي بايلي استفزاز وحنق المتابعين أثناء المشاركة في حفل "الميت غالا"، عندما قالت في فيديو اقتبست فيه عبارة الملكة ماري أنطوانيت "دعهم يأكلون الكعك".
كلامها وُصف بأنّه استهزاء منها بالمجاعة القائمة في غزة رغم حذفه لاحقاً، لتعود بايلي وتُقدّم اعتذاراً بعد الموجة من ردود الفعل العنيفة التي تسبّبت بها، مؤكّدةً أنّها لم تكن تتحدث عن غزة تحديداً، وهي"ليست على علم بما يكفي للحديث عنها بطريقة هادفة وتعليمية"، على حدّ وصفها. ولتعتذر من متابعيها بالقول: "أنا آسفة جداً لأنني اخترت صوتاً يمكن أن تشعروا به يا رفاق أنه خبيث بطبيعته".
وتابعت بايلي: "لو كنت أعتقد ولو لثانية واحدة أن الصوت سيتمّ استقباله بهذه الطريقة، لم أكن لأستخدمه أبدًا".
هكذا بايلي كانت جزءاً من حملة مقاطعة كبيرة لقائمة طويلة من النجوم والمشاهير المؤثرين عبر "السوشيال ميديا"، شملت أيضاً كلاً من: تايلور سويفت، عائلة كارداشيان، سيلينا غوميز، جاستن وهيلي بيبر، بيونسيه، جينيفر لوبيز، ريهانا، دريك، كاردي بي، ونيكي ميناج.
تسبّبت الحملة حتى الآن بخسارات كبيرة على مستوى المتابعة لهؤلاء النجوم. تايلور سويفت خسرت في غضون ساعات أكثر من 100 ألف متابع عبر موقعي "تيك توك" و"إنستغرام". كذلك كيم كارداشيان التي كانت أكثرهم تأثراً بالحملة، لتخسر ما بين مليون و3 ملايين متابع حتى اللحظة، وفقاً لما ذكرته مصادر إعلامية غربية، لتخسر كارداشيان مكانتها -قريباً- من قائمة الأكثر متابعة على منصة "إكس"، حيث يبلغ عدد متابعيها 75 مليون شخص.
"وللمشاهير العرب نصيب"
امتدت الحملة إلى العالم العربي أيضاً، بحيث قام المدونون والناشطون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتشجيع الناس على الانضمام إلى الحركة ومقاطعة المشاهير إسوة بما يحدث في أوروبا والولايات المتحدة، من الذين لم يتحدثوا أو يدعموا غزة.
كذلك تمّ استهداف بعض المؤثرين العرب في الحملة، بحيث قام متابعوهم بإلغاء متابعتهم أو مقاطعة المحتوى المدعوم الخاص بهم، بسبب صمتهم بشأن الحرب على غزة أو التعاون مع العلامات التجارية التي تدعم إسرائيل.
هكذا انتشرت القوائم التي تحتوي على أسماء هؤلاء المشاهير على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، وحثت المستخدمين على مقاطعتها وحظرها.
تهدف الحملة - وفقاً لما أعلن مطلقوها- إلى محاسبة هذه الشخصيات العامة على أفعالها أو عدم أفعالها، بالإضافة إلى تسليط الضوء على أهمية استخدام منصاتها لمعالجة القضايا الإنسانية والتضامن مع أهل غزة. حيث كان لسان حال أحد النشطاء: "أتمنى أن نطبّقها في عالمنا العربي.. لن تكلّف أي مجهود.. أضعف الإيمان إلغاء متابعة وبلوك لكل شهير متخاذل.. منذ أمس وحتى الآن بدأ المشاهير في التفاعل مع قضية غزة ودعم الأسر الفلسطينية".