النهار

محمود ياسين "النّجم الذّهبي"... كتاب عن الحياة كما عاشها
علي عطا
المصدر: القاهرة- النهار العربي
قبل أن يظهر اسم محمود ياسين (1941 – 2020) على تتر أو أفيش، كان قد شارك في أكثر من 20 عملًا في الإذاعة والمسرح. وفي عام 1968، ظهر اسمه للمرة الأولى في تترات أربعة أفلام هي: "ثلاث قصص"، "دنيا الله"، "القضية 68"، و"الرجل الذي فقد ظله". وما إن أهلَّت حقبة السبعينات، حتى بات يلقب بـ "النجم الذهبي"، خصوصا في السينما، التي تنوَّعت أدواره من خلالها لعقود، بمضامين أبرزت موهبته الاستثنائية، أمام نجمات بارزات، مثل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وماجدة، وشادية وسميرة أحمد ونادية لطفي، فضلا عن الثنائيات التي لا تنسى مع نجلاء فتحي، ثم مع نبيلة عبيد ويسرا وإلهام شاهين وسهير رمزي.
محمود ياسين "النّجم الذّهبي"... كتاب عن الحياة كما عاشها
الغلاف
A+   A-
 
قبل أن يظهر اسم محمود ياسين (1941 – 2020) على تتر أو أفيش، كان قد شارك في أكثر من 20 عملاً في الإذاعة والمسرح. وفي عام 1968، ظهر اسمه للمرة الأولى في تترات أربعة أفلام هي: "ثلاث قصص"، "دنيا الله"، "القضية 68"، و"الرجل الذي فقد ظله". 
وما إن أهلَّت حقبة السبعينات، حتى بات يلقب بـ"النجم  الذهبي"، خصوصاً في السينما، التي تنوَّعت أدواره من خلالها لعقود، بمضامين أبرزت موهبته الاستثنائية أمام نجمات بارزات، مثل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وماجدة، وشادية وسميرة أحمد ونادية لطفي، فضلاً عن الثنائيات التي لا تُنسى مع نجلاء فتحي، ثم مع نبيلة عبيد ويسرا وإلهام شاهين وسهير رمزي. 
وكما يقول سيد محمود سلام في كتابه "محمود ياسين: حياتي كما عشتُها" (بيت الحكمة - القاهرة)، نقلاً عن الناقد طارق الشناوي، فإن هذا "النجم الذهبي" كان بالنسبة إلى نجمات السينما في تلك الحقبة هو "الجان" الذي بتن يفضلن الوقوف أمامه.
لقد استطاع بدعم من مخرجين بارزين، مثل حسين كمال، وهنري بركات وكمال الشيخ وصلاح أبو سيف وحسام الدين مصطفى، ومنتجين متميزين مثل رمسيس نجيب، ومحسن علم الدين، سحبَ البساط من تحت أقدام نجوم كبار، مثل رشدي أباظة وأحمد مظهر وكمال الشناوي وعماد حمدي، والتنافس بقوة مع أبناء جيله؛ نور الشريف وحسين فهمي، وعزت العلايلي ومحمود عبد العزيز... وعادل إمام. وفي رأي عزت العلايلي الذي ورد في كتاب سلَّام، فإن محمود ياسين كان دائماً محلَّ ثقة المخرجين والمنتجين؛ لأنه فنان واع وسريع البديهة ومحب لعمله ويحترم زملاءه. 
ومع ابتعاد أدوار البطولة السينمائية عنه، قرر محمود ياسين التركيز على التلفزيون الذي سبق أن قدم له عدداً من المسلسلات الناجحة، فشارك في أعمال أشبعتْ – بتعبير سلام – رغبته في الوصول إلى جمهور أوسع، منها مسلسل "العصيان" بجزءيه و"ماما في القسم". لكنه ختم مشواره بدوريْن أمام نجمين شابين، يعدان من علامات موهبته الاستثنائية، وهما دوره في فيلم "الجزيرة" 2005 بطولة أحمد السقا، ودوره في فيلم "الوعد" 2009 بطولة آسر ياسين.  
 
 
 
المسرح هو الأساس       
وكتاب سلَّام هو حصيلة حوارات مسجَّلة على شرائط كاسيت، مدتُها تزيد على 12 ساعة، والسرد في معظمه بلسان محمود ياسين: "كنتُ طفلاً محظوظاً؛ لأني نشأتُ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها". كان ترتيبه السادس بين عشرة أشقاء. شقيقه الأكبر فاروق كان يهوى التمثيل، وهو صاحب الفضل في شغف محمود ياسين بهذا الفن، وبالقراءة، إذ كانت له في بيت الأسرة في بورسعيد مكتبة، فيها كتبٌ لتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ والعقَّاد وطه حسين ويوسف السباعي ويوسف إدريس، ومسرحيات مترجمة في سلسلتي "كتابي"، و"اقرأ". 
بدأ محمود ياسين مشواره مع التمثيل في المسرح المدرسي، ثم في مسرح نادي المريخ، ومسرح العمال، ومن هنا رسخ في قناعته أن المسرح؛ "هو الفن الأول لصناعة الممثل". 
ومنذ البداية لاحظ أن والده الذي كان موظفاً في هيئة قناة السويس، لا يمانع في أن يمارس ابنه التمثيل على سبيل الهواية. ومن هنا قرر أن يلتحق بكلية الحقوق في جامعة عين شمس، ويستبعد دراسة التمثيل أكاديمياً، إرضاءً لوالده. ولكنه كان مع شغفه بالتمثيل، يميل إلى دراسة القانون، وبذلك فإنه لم يلتحق بكلية الحقوق مضطراً. خلال دراسته لمع نجمه في المسرح الجامعي، وفي تلك الفترة جسَّد شخصية "محجوب عبد الدايم" في مسرحية من إعداده وإخراجه عن رواية نجيب محفوظ "القاهرة 30". وهي الشخصية نفسها التي جسدها الفنان حمدي أحمد في فيلم "القاهرة الجديدة" المأخوذ عن الرواية نفسها، وهو من إخراج صلاح أبو سيف وبطولة سعاد حسني وأحمد مظهر. 
 
 
مع عادل إمام
وما إن أنهى محمود ياسين امتحانات السنة النهائية في الكلية، عام 1964، حتى شارك في مسابقة للوجوه الجديدة نظمها المسرح القومي، وحاز فيها المركز الأول. وكان قد تقدم وهو لا يزال طالباً في كلية الحقوق لمسابقة أخرى للغرض نفسه نظمها مسرح التلفزيون، وجاء ترتيبه الأول أيضاً. وهكذا فإنه بدأ بمسرح التلفزيون قبل المسرح القومي وكان معه عادل إمام وصلاح السعدني وأجر كل منهم لا يتجاوز عشرين جنيهاً، تحت بند "أجر مقابل عمل"، أي أنه لم يكن أجراً منتظماً، كما هي الحال في المسرح القومي الذي سيسعى ياسين للتعيين فيه رافضاً الوظيفة الحكومية الروتينية التي رُشح لها بمجرد حصوله على ليسانس الحقوق. 
وعن فترة مسرح التلفزيون وكان عبد المنعم مدبولي وفؤاد المهندس أبرز نجومه في تلك الفترة، يقول: "أذكر أننا كنا نمثل؛ لنحقق حلماً بداخلنا. وكان الأجر الذي نتقاضاه يساعدنا في تدبير مصاريف الدراسة الجامعية"، ويذكر في السياق نفسه أن عادل إمام تحدث غاضباً إلى مدير مسرح التلفزيون الفنان السيد بدير وقال له: انتوا بتطردونا بالشكل ده، شهر تقبضونا وشهر لأ، بكرة هتعرفوا قيمتنا لما نبقى نجوم". ولكن رب ضارة نافعة، فقد وقع اختيار فؤاد المهندس على عادل إمام ليشارك في مسرحية "أنا وهو وهي"، من إنتاج فرقة مسرحية خاصة، والتي لعب فيها دور "دسوقي أفندي" وكان نقطة انطلاق نجوميته الطاغية. 
 
مع شادية وفاتن حمامة
ومن أعماله الأولى للمسرح القومي، لفت محمود ياسين أنظار عدد من مخرجي السينما ومنهم صلاح أبو سيف، فاقتحم مجال الفن السابع بعدد من الأدوار الصغيرة، أولاً منها دوره في فيلم "شيء من الخوف" للمخرج حسين كمال، عن قصة لثروت أباظة، ومن بطولة شادية ومحمود مرسي عام 1969. وفي العام نفسه قدمه حسين كمال في دور أكبر أمام شادية أيضاً، وهو فيلم "نحن لا نزرع الشوك" عن قصة ليوسف السباعي. 
يقول محمود ياسين في مذكراته التي يحويها كتاب "حياتي كما عشتها": "أهلتني ثقافتي لأن أقتحم كل عوالم السينما، ولا أقتصر على نوع معين من الأفكار، حتى يمكن القول إنني خضتُ كل التجارب". 
وهو في هذا المجال قدم أفلاماً مهمة مثل "الجلسة سرية" مع يسرا من إخراج محمد عبد العزيز، وفيلم "موعد مع القدر" مع نبيلة عبيد من إخراج منير راضي. ولكنه قدم أيضاً، كما يقول "أفلاماً تجارية"، مثل "الكمَّاشة، "نواعم"، و"التعويذة". 
قدم محمود ياسين خلال مشواره الفني 120 فيلماً، وكان دوره أمام شادية في فيلم "نحن لا نزرع الشوك" عام 1969 من إخراج حسين كمال، نقطة انطلاقه إلى لقب "فتى الشاشة الأول"، الذي تأكد بمشاركته فاتن حمامة عام 1971 بطولة "فيلم "الخيط الرفيع" من إخراج هنري بركات، عن قصة لإحسان عبد القدوس، وهو أكثر أديب مصري تحوَّلت أعماله الأدبية إلى أفلام ناجحة جماهيرياً وفنياً. ويلاحظ أن الأعمال السينمائية المهمة التي قدمها محمود ياسين كان كثير منها عن أعمال أدبية، سواء لإحسان عبد القدوس أو نجيب محفوظ أو يوسف السباعي وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس. ومن أدواره المهمة أيضاً دوره في فيلم "قاهر الظلام" عام 1979، وجسّد فيه شخصية عميد الأدب العربي طه حسين. 
 
 
الأكثر انتشاراً
وكما عرف محمود ياسين أدوار البطولة بغزارة في السينما، فإنه خاضها أيضاً في المسرح وإن على نحو أقل في الكم. ومن أعمال بدايات الاحتراف القوية مسرحية "ليلى والمجنون" التي قدمها عام 1972، وهي مسرحية شعرية من تأليف صلاح عبد الصبور وإخراج عبد الرحيم الزرقاني. 
وفي ذروة نضجه الفني قدّم عام 1993، مسرحية شعرية أخرى هي "الخديوي" من تأليف فاروق جويدة، وشاركتْه بطولتها سيدة المسرح سميحة أيوب. وعندما تولى منصب مدير المسرح القومي نجح في إقناع حسين فهمي ببطولة مسرحية "أهلا يا بكوات" (1989) تأليف لينين الرملي وإخراج عصام السيد، وتعتبر من أنجح الأعمال في تاريخ مسرح الدولة. ويبلغ إجمالي ما قدمه محمود ياسين على خشبة المسرح القومي عشرين مسرحية، منها "وطني عكا"، "عودة الغائب"، "واقدساه"، "سليمان الحلبي"، "الزير سالم"، و"ليلة مصرع غيفارا". ولتميزه بصوت رخيم وأداء مميز في اللغة العربية؛ تولّى التعليق والرواية في المناسبات الوطنية والرسمية، كما أدى أدواراً إذاعية قوية في مسلسلات دينية وتاريخية. ولا تقل نجومية محمود ياسين السينمائية عن نجوميته التلفزيونية التي بدأت عام 1980، بأعمال مثل "ابن سينا" من إنتاج تلفزيون الكويت، وشاركت فيه سعاد العبد الله وسناء جميل. وفي عام 1984 شارك في الجزء الرابع من مسلسل "محمد رسول الله"، ثم "غداً تتفتح الزهور" مع سميرة أحمد، و"جمال الدين الأفغاني"، و"أخو البنات"، فأصبح على حد قوله "النجم الأكثر انتشاراً على التلفزيونات في مصر والعالم العربي". وهو بذلك كان ضمن عدد لا بأس به من نجوم السينما البارزين الذين عرفوا مبكراً أهمية الدراما التلفزيونية، ومنهم عادل إمام وفاتن حمامة ونور الشريف. وللعلم، فإن بدايات محمود ياسين التلفزيونية شهدت مشاركته في مسلسل "القاهرة والناس" مع نور الشريف عام 1973. 
شارك  كذلك في مسلسل "الدوامة" بطولة نيللي وإخراج نور الدمرداش الملقب بـ"ملك الفيديو" وقد حقق هذان المسلسلان نجاحاً جماهيرياً كبيراً.                        
 

اقرأ في النهار Premium